لعمرو عند زيد مقدار من الأرز أيضا وهما لا يعلمان بقدر مال زيد عند عمرو ولا بقدر مال عمرو عند زيد، فيحتمل تساوي المالين في المقدار ويحتمل تفاوتهما، فيجوز لهما أن يتصالحا بينهما فيملك كل واحد منهما ما عنده عوضا عن ماله عند صاحبه ولا يضر بذلك احتمال زيادة أحد العوضين على الآخر.
[المسألة 29:] قد اتضح مما بيناه في ما سبق أنه يصح للانسان أن يصالح غيره عن دين بدين، سواء كان الدين المعوض عنه والدين العوض حالين أم مؤجلين، أم كان أحدهما حالا والآخر مؤجلا، وسواء كان العوضان من جنس واحد أم كانا مختلفين في الجنس، وسواء كان المدين بهما شخصا واحدا أم شخصين، فيصح لزيد أن يصالح خالد فيملكه دينه على بكر بدين خالد على عمرو، ويصح لزيد أن يصالح خالدا فيملكه دينه على عمرو، بدين خالد على عمرو نفسه، فتصح المصالحة عنه في جميع الصور إلا إذا كان الدينان من جنس واحد وهو من المكيل أو الموزون، فلا يصح الصلح عليهما إذا كانا متفاوتين في المقدار.
[المسألة 30:] إذا أراد الشريكان فسخ عقد الشركة بينهما أو كانا قد فسخا العقد وبقي المال مشتركا بينهما، جاز لأحد الشريكين أن يصطلح مع الآخر على أن يكون له رأس ماله الشركة، ويكون الربح والخسران فيها للشريك الآخر، وإذا كانت الشركة بينهما باقية لا يريدان فسخها أشكل جواز هذا الصلح بينهما، والأحوط تركه.
[المسألة 31:] يجوز للمدعي والمدعى عليه أن يصطلحا بعد ترافعهما في الدعوى فيجعلا لكل واحد منهما شيئا من المدعى به، أو يتراضيا عنه بمال آخر، ولا ينافي ذلك أن المدعي قد ادعى أنه يملك جميع المال، ولا ينافيه انكار المنكر حق المدعي، فإذا اصطلحا بينهما ببعض صور الصلح، سقطت دعوى المدعي، وسقط حقه الذي كان له قبل الصلح في يمين المنكر، وليس له أن يجدد المرافعة عند الحاكم الأول أو يجدد الدعوى عند حاكم آخر.