يريدان المصالحة عليه تعذرا تاما، كما إذا اختلط مال أحدهما بمال الآخر حتى لم يتميز ولم يعلما بقدر كل واحد من المالين بوجه من الوجوه، وأرادا التخلص من ذلك بالصلح بينهما.
وكما إذا علم زيد بأن لعمرو في ذمته مبلغا من الدين وهو لا يعرف قدره، وقد نسي عمرو الدين، أو نسي مقداره، وأراد زيد براءة ذمته من الدين بالمصالحة.
وكما إذا علم زيد بأن إحدى الدارين اللتين في يده ملك لعمرو ولم يعلم هو ولا عمرو بها على التعيين، ولا دليل لهما على تعيينها، وأراد المصالحة عليها.
ولا ريب في صحة الصلح على ذلك في هذه الصورة، واغتفار الجهالة بالمال في مثل ذلك، فإذا صالح أحد الشخصين صاحبه - في المثال الأول - عن ماله الواقعي بنصف المال المختلط أو بثلثه مثلا، أو بمال آخر من أمواله الخاصة، وقبل صاحبه بذلك، صح الصلح وملك كل واحد منهما ما اختص به بعقد الصلح، ولم تضر بذلك جهالتهما بالمقدار.
وإذا صالح زيد عمرا - في المثال الثاني - عن دينه الذي يستحقه في ذمته بمقدار يعينانه من المال أو بعين معلومة من أموال زيد أو بشئ آخر مما يملكه: منفعة أو دينا أو حقا، وقبل عمرو بذلك، صح الصلح بينهما وبرئت ذمة زيد من الدين ولم يضر الجهالة بمقداره.
وإذا صالح زيد عمرا - في المثال الثالث - عن داره المملوكة له في الواقع بإحدى الدارين أو بمبلغ معين من المال أو بشئ آخر يصح أن يكون عوضا للدار وقبل عمرو بالمصالحة صحت بينهما ولم تضرها الجهالة بعين الدار.
[المسألة 24:] قد يتعذر على المتصالحين أو على أحدهما معرفة مقدار المال في الوقت، وهما يريدان المصالحة فيه على المال، كما إذا علم زيد بأن لصاحبه نصف هذه الصبرة من الطعام أو ربعها، وهما لا يعلمان مقدار مجموع الصبرة من الوزن أو الكيل، ليعلما مقدار ما يملكه منها أحدهما على