[المسألة 32:] ما ذكر من الأحكام في المسألة السابقة إذا اصطلح المتداعيان إنما هو فصل تنقطع به دعوى المدعي في ظاهر الشريعة، ولكنه لا يحل به المحرم الواقعي ولا يثبت به غير الحق، ونتيجة لذلك، فإذا ادعى المدعي دينا على المدعى عليه وكان صادقا في دعواه، وأنكره المنكر، ثم صالحه بنصف الدين، فقد وصل إلى الدائن نصف حقه ولم تبرأ ذمة المنكر من بقية الدين بالمصالحة المذكورة، ووجب عليه التخلص منه، وهو آثم بانكاره حق المحق، إلا إذا كان محقا في إنكاره بحسب اعتقاده، فلا إثم عليه في الانكار، ولكن المال باق في ذمته، فإذا تبين له خطأ اعتقاده بعد ذلك وجب عليه التخلص من الدين ولم يكفه الصلح الأول، إلا إذا علم بأن المدعي قد رضي بالصلح عن جميع حقه.
وإذا ادعى المدعي الدين وكان مبطلا في قوله أثم بذلك وحرم عليه ما يأخذه من المدعى عليه بالصلح، إلا إذا علم بأن المدعى عليه قد رضي بالمصالحة وطابت نفسه بدفع ما دفع إليه من المال.
[المسألة 33:] إذا تنازع شخصان في ملكية شئ، فادعى أحدهما ملكية الشئ وأنكر الآخر، ثم طلب المدعى عليه من المدعي أن يصالحه عن ذلك الشئ، فلا يعد طلبه المصالحة من المدعي اقرارا منه بحقه فإن الصلح يصح مع الاقرار والانكار.
وإذا قال المدعى عليه للمدعي بمعني الشئ الذي تدعي به، أو قال له ملكني إياه، كان هذا القول من المدعي عليه اقرارا منه بأنه لا يملك الشئ المدعى به، وفي دلالة قوله هذا على أن الشئ المدعى به ملك للمدعي اشكال.
[المسألة 34:] إذا ملك شخص ثوبا قيمته عشرة دنانير مثلا، وملك شخص آخر