وليس لأحد أن يتولى القصاص بنفسه دون إمام المسلمين أو من نصبه لذلك من العمال والأمناء في البلاد والحكام، ومن اقتص منه فذهبت نفسه بذلك من غير تعد في القصاص فلا قود له ولا دية على حال.
وإذا فقأ أعور عين صحيح على التعمد لذلك كان له أن يقلع عينيه وإن عمي فإن الحق أعماه، وإذا قلع صحيح عينه الباقية كان مخيرا بين ديتها على ما قدمناه أو يقلع إحدى عيني صاحبه وليس له مع قلعها شئ سواه وليس له في كسر اليد وشئ من العظام وقطع شئ من الأعضاء التي تصلح بالعلاج قصاص وإنما القصاص فيما لا يصلح من ذلك بشئ من العلاج.
ولو أن رجلا قطع شحمة أذن رجل ثم طلب القصاص فاقتص له منه فعالج أذنه حتى التصق المقطوع بما انفصل منه كان للمقتص منه أن يقطع ما اتصل به من شحمة أذنه حتى يعود إلى الحال التي استحق بها القصاص.
وكذلك القول فيما سوى شحمة الأذن من العظام والجوارح كلها إذا وقع فيها القصاص ويعالج صاحبها حتى عادت إلى الصلاح، وينبغي أن ينتظر الحاكم بالمجروح والمكسور حتى يعالج ويستبرئ حاله بأهل الصناعة، فإن صلح بالعلاج لم يقتص له لكنه يحكم على الجاني بالأرش فيما جناه، فإن لم يصلح بعلاج حكم له بالقصاص.
ومن ضرب إنسانا سوطا أو أكثر من ذلك ظلما كان عليه القصاص يضرب كما ضرب، ومن داس بطن انسان حتى أحدث من الشدة كان له أن يدوس بطنه حتى يحدث أو يفتدي نفسه من ذلك بثلث الدية.
وإذا جرح انسان إنسانا في غير مقتل فمرض ثم مات من الجراح اعتبرت حاله، فإن كان مرضه بالجراح دون غيرها من الأعراض كان على الجارح القود إلا أن يختار ورثة الميت الدية ويرضى القاتل بذلك فتلزمه دية قتل العمد على ما قدمناه، وإن كان مرضه بعرض لم تولده الجراح لم يكن على الجارح القود وكان عليه القصاص أو أرش الجراح إن وقع على ذلك بين الأولياء اصطلاح، ومتى اشتبه