جعله دراية والأولى أن لا يحرم عليه ما يحرم على المحرم إلا ما قام الدليل عليه.
ولا يجوز له أن يخرج من المسجد الذي اعتكف فيه إلا لضرورة تدعوه إلى ذلك من تشييع أخ مؤمن أو جنازة أو عيادة مريض أو قضاء حاجة لا بد له منها، فمتى خرج لشئ من الأشياء التي ذكرناه فلا يقعد في موضع ولا يمشي تحت الظلال ولا يقف فيها إلا عند ضرورة إلى ذلك إلى أن يعود إلى المسجد، ولا يصلى المعتكف في غير المسجد الذي اعتكف فيه إلا بمكة خاصة فإنه يجوز له أن يصلى بمكة في أي بيوتها شاء.
ومتى اعتل المعتكف فله أن يخرج من المسجد إلى بيته فإذا برئ قضى اعتكافه وصومه على التفصيل الذي فصلناه أولا وشرحناه.
واعتكاف المرأة كاعتكاف الرجل سواء وحكمها حكمه في جميع الأشياء، فإن حاضت خرجت من المسجد فإذا طهرت عادت وقضت الاعتكاف والصوم. ولا يجوز للمعتكف مواقعة النساء لا بالليل ولا بالنهار، فمتى واقع الرجل امرأته وهو معتكف ليلا كان عليه ما على من أفطر من شهر رمضان، فإن كانت مواقعته لها بالنهار في شهر رمضان أو في غيره كان عليه كفارتان، فإن كانت المرأة معتكفة باذنه ووطئها ليلا مكرها لها كان عليه كفارتان ولا يبطل اعتكافها ولا كفارة عليها، وإن كانت مطاوعة له كان عليها كفارة وفسد اعتكافها وعليه مثلها، وإن كان وطؤه لها بالنهار مكرها لها كان عليه أربع كفارات، وإن كانت مطاوعة له على الفعال لم يتحمل كفارتها وكان عليها كفارتان وعليه كفارتان وفسد اعتكافهما ووجب عليهما استئنافه.
ولا يجوز للمرأة أن تعتكف تطوعا إلا بإذن زوجها ولا العبد والأمة إلا بإذن السيد، وإذا مرض المعتكف واضطر إلى الخروج منه خرج فإن زال العذر رجع فبنى على ما مضى من اعتكافه، وإذا باع المعتكف فالظاهر أنه لا ينعقد لأنه منهي عنه، والنظر في العلم ومذاكرة أهله لا يبطل الاعتكاف وهو أفضل من الصلاة تطوعا عند جميع الفقهاء.
ولا يفسد الاعتكاف جدال ولا خصومة ولا سباب ولا بيع ولا شراء وإن كان لا يجوز له فعل ذلك أجمع، هكذا أورده شيخنا في مبسوطه. والأولى عندي أن جميع ما يفعله المعتكف من القبائح ويتشاغل