قال السدي: لم تنسخ، أنه كان في من يطيقه فصار إلى حال العجز عنه، وإنما المعنى وعلى الذين يطيقونه ثم صاروا بحيث لا يطيقونه.
وقوله " ومن تطوع خيرا " أي ومن جمع بين الصوم والصدقة، وقيل من أعطي أكثر من مسكين.
والمعنى بقوله " وعلى الذين يطيقونه " أنه سائر الناس، كان في أول الاسلام من شاء صام ومن شاء أفطر وافتدى لكل يوم طعام مسكين حتى نسخ ذلك، و " من تطوع " من للجزاء أو بمعنى الذي، وقوله " فدية طعام مسكين " أي لكل يوم يفطر طعام مسكين، ومن أضاف وجمع المساكين فمعنى قراءته يؤول إليه أيضا، لأنه إذا قيل إطعام مساكين للأيام بمعنى لكل يوم إطعام مسكين صار المعنى واحدا.
وأن تصوموا خير لكم، أي وصومه خير لكم من الإفطار والفدية وكان هذا مع جواز الفدية، فأما بعد النسخ فلا يجوز أن يقال الصوم خير من الفدية مع أن الإفطار لا يجوز له أصلا.
فصل:
وقوله: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه، قيل في معناه قولان: أحدهما من شاهد منكم الشهر مقيما فليصمه، وثانيهما من شهده بأن حضره ولم يغب، لأنه يقال شاهد بمعنى حاضر ويقال بمعنى مشاهد، وعندنا أن من دخل عليه الشهر كره له أن يسافر حتى يمضى ثلاثة وعشرون من الشهر إلا أن يكون سفرا واجبا كالحج أو تطوعا كالزيارة، فإن لم يفعل وخرج قبل ذلك في مباح أيضا كان عليه الإفطار ولم يجزئه الصوم.
وقال أكثر المفسرين: فمن شهد الشهر - بأن دخل عليه شهر رمضان وهو حاضر - فعليه أن يصوم الشهر كله، وشهر رمضان خبر مبتدأ، أي هو شهر رمضان يدل عليه أياما معدودات، وقيل بدل من قوله " الصيام "، وتقديره كتب عليكم شهر رمضان أو صوم شهر