تعالى أوجب القضاء عليهما مطلقا، وكل من أوجب القضاء بنفس السفر والمرض أوجب الإفطار، وأوجب داود القضاء وخير في الإفطار، فإن قدروا في الآية فأفطر على تقدير، فمن كان منكم مريضا أو على سفر فأفطر فعدة من أيام أخر، كان ذلك خلاف ظاهر الآية وخروجا عن الحقيقة إلى المجاز من غير دليل، وبوجوب الإفطار في السفر قال عمر بن عبد العزيز وعبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الرحمن بن عوف وأبو هريرة وعروة بن الزبير، وهو المروي عن أبي جعفر عليه السلام.
وروي عن عمر أن رجلا صام في السفر فأمره أن يعيد صومه، وروى يوسف بن الحكم:
سألت ابن عمر عن الصوم في السفر؟ قال: أ رأيت لو تصدقت على رجل بصدقة فردها عليك ألا تغضب، فإنها صدقة من الله تصدق بها عليكم، وقال ابن عباس: الإفطار في السفر عزيمة، وروى ابن عوف عن النبي ص: الصائم في السفر كالمفطر في الحضر، وروى عطاء عن المحرز بن أبي هريرة قال: كنت مع أبي في سفر في شهر رمضان فكنت أصوم ويفطر، فقال أبي: أما إنك إذا أقمت قضيت وصام رجل في السفر فأمره عروة أن يقضي، وقال الباقر ع: كان أبي ع لا يصوم في السفر وينهى عنه، وقال الطبري إنه لم ينقطع العذر برواية صحيحة أنه كان ههنا صوم متعبد فنسخه الله بشهر رمضان.
فصل:
وقوله تعالى " وعلى الذين يطيقونه " الهاء عائدة على الصوم، وقيل عائدة على الفداء لأنه معلوم وإن لم يجر له ذكر والأول أقوى، وقال الحسن وأكثر أهل التأويل: إن هذا الحكم كان في المراضع والحوامل والشيخ الكبير، فنسخ من الآية المراضع والحوامل وبقي الشيخ الكبير، وقال أبو عبد الله ع: ذلك في الشيخ الكبير يطعم لكل يوم مسكينا منهم من قال نصف صاع وهم أهل العراق، وقال الشافعي مد عن كل يوم وعندنا مدان إن كان قادرا، وإن لم يقدر إلا على مد أجزأه، وعن الصادق ع: معناه على الذين يطيقون الصوم ثم أصابهم كبر أو عطاش وشبه ذلك فعليهم كل يوم مد.