باب في تفصيل ما أجملناه:
قوله تعالى: كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم، وفيه ثلاثة أقوال:
أحسنها أنه كتب عليكم صيام أيام، كما كتب عليهم صيام أيام، وكما محله نصب صفة مصدر محذوف أي فرض عليكم فرضا مثل ما فرض على الذين من قبلكم، ويحتمل أن يكون نصبا على الحال من الصيام، وتقديره كتب عليكم الصيام مفروضا في هذه الحال، والثاني ما قاله الحسن أنه فرض علينا شهر رمضان كما كان فرض شهر رمضان على النصارى، وإنما زادوا فيه وحولوه إلى زمان الربيع، والثالث ما قاله جماعة أنه كان الصوم من العتمة إلى العتمة، لا يحل بعد النوم مأكل ولا مشرب ولا منكح ثم نسخ والأول هو المعتمد.
وقال مجاهد: المعنى بالذين من قبلكم أهل الكتاب، وقوله " لعلكم تتقون " أي لكي تتقوا المعاصي بفعل الصوم، وقال السدي: لتتقوا ما حرم عليكم من المأكل والمشرب، وقال قوم: معناه لتكونوا أتقياء مما لطف بكم في الصيام لأنه لو لم يلطف بكم لم تكونوا أتقياء، وإنما قلنا أن الأول أصح لأنه يصح ذلك في اللغة إذا فرض عليهم صيام أيام كما فرض علينا صيام أيام وإن اختلف ذلك بالزيادة والنقصان.
وقوله " أياما معدودات " قال الفراء إنه مفعول كقولك " أعطى زيد المال " وقال الزجاج هو ظرف كأنه قيل الصيام في أيام معدودات، وإذا كان المفروض في الحقيقة هو الصيام دون الأيام فلا يجوز ما قاله الفراء إلا على سعة الكلام.
وقال عطاء وابن عباس: " أياما معدودات " ثلاثة أيام من كل شهر ثم نسخ، وقال ابن أبي ليلى: المعنى به شهر رمضان وإنما كان صيام ثلاثة أيام تطوعا، وروي عن أبي جعفر ع أن شهر رمضان كان واجبا صومه على كل نبي دون أمته، وإنما أوجب على أمة نبينا ص فحسب.
فصل:
وقوله تعالى: فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، تقديره فعليه عدة من أيام أخر، وهذه الآية فيها دلالة على أن المسافر والمريض يجب عليهما الإفطار لأنه