ثم قال مفسرا ما أجمله ضربا من التفسير: أياما معدودات فمن كان منكم مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر، الآية، فبين أن الفرض متعلق بأزمان مخصوصة وكشف عما يختص بالخروج عن فرضه في الحال من المرضى والمسافرين وإن كان ألزمهم إياه بعد الحال.
فصل:
ثم قال: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين، رخص في صدر الاسلام للمشاهدين له من أهل السلامة والصحة من الأمراض إفطاره على التعمد على شرط قيامهم بفدية للإفطار من الإطعام، ودل على أن الصوم له مع ذلك أفضل عنده وأولى من الفدية للإفطار، ثم نسخ تعالى ذلك بما أردفه من الذكر من القرآن، فقال: شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدي والفرقان فمن شهد منكم الشهر فليصمه ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر يريد الله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر، الآية، فأوضح بها عن بقية تفسير الاجمال فيما أنزله أولا من فرض الصيام وبين أنه في أيام معدودات يجب فعله في شهر على التمام بما ذكره في العدة من فرض الكمال، وحظر ما كان أباحه من قبل من الإفطار للفدية مع طاقة الصيام بإلزامه الفرض للشاهد في الزمان مع السلامة من العلل والأمراض، وأكد خروج المرضى والمسافرين من فرضه في الحال بتكرار ذكرهم للبصيرة والبيان، وأبان عن علة خروجهم بما وصف من أرادتهم به تعالى لهم اليسر وكراهة العسر عليهم زيادة منه في البرهان.
وجاء في التفسير أن ما جاء في القرآن " يا أيها الذين آمنوا " فإنها مدنية وما فيه " يا أيها الناس " مكية.
والصوم شرعا إمساك مخصوص عن أشياء مخصوصة، ومن شرط انعقاده النية، ولأن تفسير الصوم بالصبر أولى، لقوله تعالى: واستعينوا بالصبر والصلاة، فقد قال المفسرون أن الصبر في الآية هو الصوم ولا يوهم أنه ترك.