كتاب الصوم قال الله تعالى: يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم:
فقوله " كتب عليكم " يقتضي الوجوب من وجهين: أحدهما " كتب " وهو في الشرع يفيد الإيجاب، كما قيل المكتوبة في فريضة الصلوات، والثاني " عليكم " لأنه ينبئ عن الإيجاب أيضا كقوله: ولله على الناس حج البيت، وإذا جمع بينهما فالدلالة على الإيجاب أوكد.
ومعنى " كتب " فرض وأوجب، وعبر عن الفرض بالكتب لأن المكتوب أبقى وأثبت، ويجوز أن يكون معناه كتب في اللوح المحفوظ أنكم تتعبدون بذلك، والمراد فرض عليكم الصوم أياما معدودة كما فرض على من كان قبلكم أياما معدودة وإن زاد ونقص واختلفت الأيام، فالتشبيه واقع على جملة أمر الصوم لا على جميع أوقاته وأحكامه.
واتقوا النار التي أعدت للكافرين، أي توقوا أنفسكم عذاب النار فالصوم جنة، فأوجب الله فرض الصيام على جميع المؤمنين بعموم اللفظ المنتظم للجميع، وعم به جميع المؤمنات لمعرفة تغليب المذكر على المؤنث إذا اجتمعوا وبقرينة الاجماع إلا من خصه من الجميع في الآية التي تعقب ما تلوناه وما يتبعها من السنة على لسان رسول الله عليه السلام،