عالما بالحرمة، فيكون الجهل بها خلاف الظاهر، فإن المسلمين عالمون بأنه حرام مثلا وقد نشاء الشاب فيهم فلذا لا يسمع دعواه الجهل بذلك إلا مع الاثبات أو كان بحيث يظن به ذلك وأمكن في حقه ما يدعيه كما إذا كان حديث العهد بالدين أو فسد الجو الحاكم إلى أن تصور الحرام حلالا.
ولعله كان الأمر في عصر حاكمية الطاغوت بإيران وقبل وقوع الثورة الاسلامية، هذه الحركة الدينية العظيمة، كان كذلك ولا أقل بالنسبة لقسم من المجتمع، كالشبان الجامعيين فقد قلبت الحقائق في ذاك العصر القاسي واشتبهت الحقائق ومسخت الأحكام بحيث لو كان يدعي شاب من الجامعيين مثلا أنه قد أقدم على شرب الخمر جهلا بحرمته وأنه كان لا يعلم ذلك، لم يكن ذلك مستبعدا منه وفي حقه.
وأما الآن وفي هذه الظروف التي يرى ليلا ونهارا ما يصنع بشارب الخمر مثلا من إقامة الحدود فلا، بل ولا يسمع منه دعواه الجهل وإن لم يعلم بترتب الحد على شرب الخمر وذلك لأن حرمته في هذه الآونة والظروف مقطوع بها ومعلومة لدى كافة الناس.
لكن يظهر من رواية ابن بكير أنه لا يسمع ادعاء الجهل في مثل حرمة الخمر ممن كان مسلما بين المسلمين لأنه ضروري أو كالضروري ولذا بعثوا من يتفحص عن حاله ليعلم صدقه وكذبه.
فعن ابن بكير عن أبي عبد الله عليه السلام قال: شرب رجل الخمر على عهد أبي بكر فرفع إلى أبي بكر فقال له: أشربت خمرا؟ قال: نعم. قال: ولم وهي محرمة؟ قال: فقال له الرجل: إني أسلمت وحسن إسلامي، ومنزلي بين ظهراني قوم يشربون الخمر ويستحلون ولو علمت أنها حرام اجتنبتها فالتفت أبو بكر إلى عمر فقال أبو بكر: ادع لنا عليا فقال عمر: يؤتي الحكم في بيته فقام والرجل معهما إلى آخر الخبر وقد مر آنفا (1) فحيث إنه قد ادعى الجهل وكان يمكن في