وقد ذكر الوجهين في كشف اللثام واقتصر على ذلك فلم يرجح واحدا منهما ولا اختار شيئا من مقتضاهما.
نعم قوى صاحب الجواهر الأول منهما فإنه قال بعد ذكر الوجهين: ولعل الأول لا يخلو عن قوة.
وهو كذلك لأن أدلة الحد ظاهرة في أن المرتكب لموجبات الحد ليس عليه إلا الحد ومقتضاها تخصيص ما دل على وجوب التعزير على كل معصية، واستثناء تلك الكبائر التي جعل الشارع عليها الحد. وكأنه قيل، كل من فعل محرما يعزر إلا إذا أتى بالزنا أو القذف أو السرقة أو غير ذلك من أسباب الحد فإنه لا تعزير عليه وإنما يجب حده بالمقدار المقرر في تلك الموارد، غاية الأمر أنه قد حدث ما أوجب سقوط هذا الحد في المقام فكيف يحكم بالتعزير (10).
وكأنه قد جعل الحد في تلك الموارد بدلا عن التعزير وليس التعزير فيها مجعولا كما يشهد بذلك سيرة أمير المؤمنين عليه السلام بل وسيرة المسلمين في طول الأعصار حتى الخلفاء، فلم يكونوا يجمعون بين الحد والتعزير في معصية واحدة ولم يسمع إلى الآن أن سارقا قد قطعت يده حدا للسرقة وعزر هو للحرمة مثلا.
نعم قد يجمع بينهما لجهة أخرى مثل وقوع العمل منه في مكان كذا أو زمان كذا