ولا ريب في أن التخلص عن ارتكاب المحرم أو ترك الواجب أو شرطه أو اتيان مانعه من الضرورات عرفا وعقلا، ولا يمكن أن يقال إن المحذور الشرعي ليس محذورا في نظر العرف مع كونه متعبدا بحكم هذا الشرع، فأي ضرورة أعظم من التخلص عن مخالفة المولى؟.
ودعوى عدم الاطلاق في الرواية، غير وجيهة فإنه لو كان موضوع التبديل عنوانا آخر لكان قوله: " هو بمنزلة الضرورة " في غير محله خصوصا مع كونه بمنزلة التعليل فالظاهر أن كل ضرورة موجب للانتقال.
ومنها صحيحة أبي بصير عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: إذا كنت في حال لا تقدر على الطين فتيمم به فإن الله أولى بالعذر " (1) حيث يظهر منها أن موضوع التبديل هو العذر من التيمم بالتراب، وهي وإن كانت في مورد آخر لكن يمكن الاستشهاد بها للمورد. تأمل.
ومنها صحيحة عبد الله بن يعفور عن أبي عبد الله عليه السلام " قال: إذا أتيت البئر و أنت جنب فلم تجد دلوا ولا شيئا تغرف به فتيمم بالصعيد، فإن رب الماء هو رب الصعيد ولا تقع في البئر ولا تفسد على القوم مائهم " (2) بدعوى أن الظاهر من قوله: " لا تفسد على القوم مائهم " إن فساد الماء عليهم محذور يوجب الانتقال والمحذور، أما الحرمة الشرعية فيفهم أنه مع وقوع الحرام لا يجوز التوضي والغسل، وأما الغضاضة العرفية مع عدم محذور شرعي فيدل على التبديل مع المحذور الشرعي قطعا لدلالتها على صحة التيمم بأدنى شئ ولو بمثل تنفر الطباع عن الورود في الماء.
ومنها دعوى أن المتفاهم من مجموع الروايات كقوله: " إنه أحد الطهورين وإن ربهما واحد ويكفي عشر سنين " وما دل على عدم لزوم الفحص عن الماء أكثر من غلوة