ويرد على فرضه الثاني أي كون القذارة أمرا وجوديا والتيمم بعد نظافة لدى الضرورة وهو عبارة أخرى عن حصول نظافة ناقصة غير كافية لدى الاختيار، إن هذا أيضا مخالف لما تقدم من الأخبار وكلمات الأصحاب، فإنه لو صار عاجزا فتيمم ووجد الماء مع القدرة على استعماله ولم يطهر وفقد الماء لا يجب على ما ذكره تجديد التيمم لحصول النظافة الناقصة وعدم تجدد رافع لها، وأما ما ذكره أخيرا فيمكن ارجاعه إلى ما ذكرناه أخيرا وإن كان خلاف ظاهره، فإن الظاهر منه أن تلك الأسباب الموجبة للأحداث مقتضية للحدث عند وجدان الماء. مع أنه مستحيل لو كان الاقتضاء على طبق التكوين مضافا إلى أنه التزام بحدوث حدث جديد ولو بالسبب الأول، وكيف كان لا يمكن رفع اليد عن ظاهر الكتاب والسنة القطعية بتلك الوجوه العقلية القابلة للدفع.
الجهة الثانية: دعوى الاجماع على عدم كون التيمم رافعا، وقد تكررت الدعوى في كتب القوم كالشيخ والمحقق والعلامة والشهيد والمحقق الثاني وغيرهم، لكن معروفية الاستدلال بالدليل العقلي المتقدم بينهم من لدن عصر الشيخ تمنع عن كشف دليل شرعي تعبدي لقرب احتمال كون المستند هو الوجه العقلي لا غير كما ربما يظهر من الشيخ في الخلاف عدم الاجماع منا في هذه المسألة فإنه ادعى عدم الخلاف في أن المتيمم إذا وجد الماء وجب عليه الغسل، ومع كون التيمم رافعا لم يكن واجبا فيظهر منه أن مستنده في هذا الحكم هو عدم الخلاف في تلك المسألة والوجه العقلي.
قال: التيمم لا يرفع الحدث وإنما يستباح به الدخول في الصلاة وبه قال كافة الفقهاء إلا داود وبعض أصحاب مالك، فإنهم قالوا يرفع الحدث، دليلنا: أنه لا خلاف في أن الجنب إذا تيمم وصلى ثم وجد الماء وجب عليه الغسل، فلو كان الحدث قد زال بالتيمم لما وجب عليه الغسل لأن رؤية الماء لا توجب الغسل الخ.
ومراده بكافة الفقهاء هو فقهاء العامة كما يظهر من تعبيراته عنهم وعنا في الخلاف