زمن الشارع المقدس وإن كان للاشكال في ذلك مجال، لاحتمال كونها لاقتضاء العادة وعدم الداعي إلى التفريق لا الاعتبار، وإن أمكن أن يقال إن في ارتكاز المتشرعة اعتباره الآية الكريمة قال تعالى: " فتيمموا صعيدا طيبا فامسحوا بوجوهكم وأيديكم " بناء على كون الفاء للترتيب باتصال كما هو المعروف، فيفيد قوله:
" فامسحوا " الترتيب باتصال عرفي بين المسح على الوجه والأيدي، وبين وضع اليدين أو ضربهما على الأرض الذي هو المراد من قوله: " تيمموا " لأن قصدا الأرض ليس بنفسه موضوعا للحكم بلا اشكال، بل أخذ العنوان الطريقي الذي ليس مقصودا بالذات فيه لعله دليل على أن المراد منه المرئي والمقصود، خصوصا مع قيام القرينة عليه، فإن قوله: " فتيمموا صعيدا " عقيب " ولم تجدوا ماء " ظاهر عرفا في أن المراد التوصل إلى الصعيد للتمسح به إلى الوجه، والمقصود هو الوضع أو الضرب على الأرض ولو بدليل خارجي، فكأنه قال: اضرب يديك على الأرض فتمسح بلا فصل بوجهك ويديك، فلو دلت الفاء على الترتيب باتصال تمت الدلالة بلا احتياج إلى دعوى عدم القول بالفصل، كما صنع المحقق الثاني على ما حكى عنه، لكن في دلالتها عليه تأمل، نعم لا اشكال في دلالتها على الترتب والتعقب وهي غير كافية.
فالأولى الاستدلال على المطلوب بلفظة " منه " فإن " من " على ما تقدم ابتدائية لا تبعيضية، فالمعنى: فامسحوا بوجوهكم وأيديكم مبتدءا من الصعيد، ومنتهيا إلى الوجوه والأيدي، والتمسح من الصعيد بهذا المعنى لا يصدق عرفا إلا مع حفظ العلاقة بين الضرب على الأرض والمسح منها على الوجه واليدين.
ألا ترى أنه لو قيل لمريض: تمسح من الضرائح المقدسة تبركا، لا ينقدح في ذهن العقلاء منه إلا مع حفظ العلقة بين المسح عليها والمسح على موضوع العلة، فلو مسحها بيده ثم انصرف وذهب إلى حوائجه، ثم مسح يده على الموضع بعد سلب العلاقة العرفية، لم يعمل بقوله تمسح منها، لأنه لا يكون إلا بعلاقة خاصة مقطوعة بالفصل المعتد به، كما ربما تقطع بغيره كما لو ضرب يده على الأرض فغسلها، فإن