صاع من الحنطة والشعير في زكاة الفطر إلا ما هو المتعارف منهما في سوق البلد، لا الخالص الغير المتعارف،: فالتعارف يوجب الانصراف إلى ما بين أيديهم من الأفراد وتقع معاملاتهم عليه، كما أن بيع كر من الحنطة منصرف إلى المصاديق المتعارفة في سوق البلد، فلو كانت الأفراد المتداولة مخلوطة بمقدار من غير الجنس لا يجب الأداء إلا ما هو المتعارف، لا لأجل صدق كر من الحنطة حقيقة ومن غير تسامح على الناقص مع المتمم من غير جنسها، بل لأجل الانصراف إلى المتعارف وعدم اعتناء العرف بمثل هذا الخليط، وإن لم يتسامح في الأجناس الغالية العزيزة.
وفي المقام أيضا ينصرف الأمر بالتيمم على الصعيد والتراب إلى ما هو المتعارف الذي لا ينفك عن الخليط بما ذكرناه وإن لم يصدق عليه التراب أو الصعيد عليه من غير تسامح، ولهذا لو كان الخليط غير متعارف مقدارا أو جنسا كوقوع ذرات من الذهب على الأرض لا يصح التيمم به لعدم تعارف مثل هذا الاختلاط بالأجنبي.
وهذا هو السر في الافتراق بين الاختلاط بغير الأرض مما هو متعارف وبين الاختلاط بغير المتعارف كالاختلاط بشئ من النجس، أو الاختلاط الاختياري بشئ غير الأرض لعدم المناط المتقدم، وكذا الحال في أشباه المقام كاختلاط مقدار من التراب اختيارا في الحنطة لتميم الصاع، فإن هذا النحو من الاختلاط غير متعارف لا ينصرف إليه الدليل بخلاف الاختلاط الطبيعي الغير المنفك، ولهذا يفترق بين اعطاء صاع من الحنطة في زكاة الفطر، وصاع من التمر لاختلاف تعارف الخلط فيهما، فلو كان التمر مخلوطا بمثل خلط الحنطة أي الخلط بالتراب والرمل لا يكتفى به في الزكاة، لأجل عدم التعارف، بخلاف اختلاطه بما هو المتعارف كالأخشاب الصغار من سيقانه وجذوعه.
فتحصل من ذلك جواز التيمم بالتراب والأرض المتعارف مما هو مخلوط بصغار التبن والحشيش وغيرهما مما لا ينفك منها غالبا، بخلاف الاختلاط بالأجنبي وما هو غير متعارف خلطا ومخلوطا وإن كان صغيرا ومما ذكرنا يظهر النظر في كلام بعض أهل التحقيق ممن قارب عصرنا فراجع.