من المسامحة والاعتبار، إذ لا يرفع اليد عن اليقين السابق في الاستصحاب أصلا وانما يرفع اليد عن حكمه في زمان الشك وليس هذا نقضا لليقين، كما ان الأخذ بالحالة السابقة ليس عملا به بل هو أخذ بأحد طرفي الاحتمال، فلا بد من تصحيح إضافة النقض إليه بالنسبة إلى زمان الشك من اعتبار وجود تقديري له بحيث يصدق بهذه الملاحظة ان الأخذ بالحالة السابقة عمل باليقين ورفع اليد عنه نقض له، ومعلوم ان تقدير اليقين مع قيام مقتضية هين عرفا، بل لوجوده التقديري (ح) وجود تحقيقي يطلق عليه لفظ اليقين كثيرا في العرف، الا ترى انهم يقولون: ما عملت بيقيني وأخذت بقول هذا الشخص الكاذب ورفعت اليد عن يقيني بقوله، واما تقدير اليقين في موارد الشك في المقتضى فبعيد جدا بل لا يساعد عليه استعمال العرف أصلا، فتعميم اليقين في قوله: اليقين لا ينقض بالشك بحيث يعم مثل الفرض بعيد في الغاية انتهى كلامه.
وثالثها ما ذكره بعض أعاظم العصر على ما في تقريرات بحثه وملخصه مع طوله بعد الإشكال على الشيخ بان المراد باليقين ليس هو المتيقن، هو ان المراد من نقض اليقين نقضه بما انه يستتبع الحركة على وفقه، فأخذ اليقين في الاخبار باعتبار كونه كاشفا لا صفة، فعناية النقض انما تلحق اليقين من ناحية المتيقن، ولهذا تكون إضافته إلى اليقين شايعا دون العلم والقطع، وليس ذلك الا لأنهما يستعملان غالبا في مقابل الظن والشك، بخلاف اليقين فان إطلاقه غالبا بلحاظ ما يستتبعه من الجري على ما يقتضى المتيقن، فيختص اخبار الباب بما إذا كان المتيقن مما يقتضى الجري العملي على طبقه، بحيث لو خلى وطبعه لكان يبقى العمل على وفق اليقين ببقاء المتيقن، وهذا المعنى يتوقف على ان يكون للمتيقن اقتضاء البقاء. فإنه في مثل ذلك يصح ورود النقض على اليقين بعناية المتيقن ويصدق عليه نقض اليقين بالشك بخلاف غيره.
فان الجري العملي فيه بنفسه ينتقض ولا يصح هذه العناية فيه، وبتقريب آخر يتوقف صدق نقض اليقين بالشك على ان يكون زمان الشك مما تعلق به اليقين في زمان حدوثه، بمعنى ان الزمان الذي يشك في بقاء المتيقن فيه كان متعلق اليقين عند