وغاية ما تدل على عدم الاعتبار هو الاخبار الواردة في الرعاف وهي واردة فيما إذا حدث الرعاف في الأثناء، ودعوى إلقاء الخصوصية لعدم الفرق عرفا بين حدوث النجاسة في الأثناء، وكونها من الأول مع الالتفات والعلم في الحال ممنوعة، لاحتمال ان يكون لحدوثها من باب الاتفاق دخل في رفع المانعية، ولهذا لا يمكن الالتزام بجواز التنجيس عمدا والاشتغال بتطهير الثوب فورا ثم البناء على الصلاة، فحينئذ نقول: إذا علم في الأثناء بان النجاسة كانت من الأول لا يمكن تصحيح صلاته، لأن الاستصحاب كما عرفت لا يفيد بالنسبة إلى حال العلم بالتلبس، والأدلة الدالة على اشتراط الصلاة بالطهارة أو مانعية النجاسة مما لا مخرج لها، فلا محيص عن نقض الصلاة وإعادتها بعد تطهير الثوب.
واما إذا احتمل عروضها في البين فيمكن التشبث بالاستصحاب لتصحيحها، لا لأن أصالة عدم عروض النجاسة إلى الآن يثبت حدوثها حتى يدخل المورد تحت أدلة حدوث الرعاف لتصحيح حال العلم بالتلبس بالنجاسة لأجلها، ضرورة مثبتية هذا الأصل، بل أصالة عدم عروض النجاسة إلى الآن انما هي لتصحيح حال الجهل بها، وحال العلم لأن بالتلبس يكون المصلى شاكا في كون هذه النجاسة الموجودة حادثة حتى لا تكون مانعة، أو باقية من الأول حتى تكون مانعة فيكون شاكا في مانعيتها فتجري أصالة البراءة العقلية والشرعية كما في اللباس المشكوك فيه.
فان الأظهر من الأدلة على كثرتها هو مانعية النجاسة من الصلاة لا شرطية الطهارة كما يظهر لمن تدبرها وان كان بعضها يوهم الشرطية مثل هذه الصحيحة، لكن المانعية هي الأقوى بحسب مفاد الأدلة، واستصحاب الطهارة في صدر هذه الصحيحة لعله من باب كون الطهارة وعدم النجاسة امرا واحدا بحسب نظر العرف، والمقصود كون اللباس خاليا عن القذارة المانعة، وهو حاصل بإجراء أصل الطهارة وإجراء أصالة عدم عروض النجاسة.
هذا إذا كان المراد من الأصل في ذيل الصحيحة هو أصالة عدم عروض النجاسة إلى الآن، كما انه ربما يستأنس من قوله: لا تدري لعله شيء أوقع عليك، والا فيمكن ان يقال ان المراد من الأصل أصالة عدم عروض المانع في الصلاة، فان النجاسة الواقعية