كافة اللواحق والعوارض الخارجية حسنة أو قبيحة حسنة أو قبيحة ذاتا، لا يمكن ان يشك العقل في حكمه المتعلق بذلك العنوان المدرك مناطه، ولكن تلك العناوين الحسنة والقبيحة قد تتصادق على موضوع خارجي، لأن الوجود الخارجي قد يكون مجمع العناوين المتخالفة، فالعناوين المتكثرة الممتازة في الوجود العقلي التحليلي قد تكون متحدة غير ممتازة في الوجود الخارجي ويكون الوجود الخارجي بوحدته مصداقا للعناوين الكثيرة وتحمل عليه حملا شايعا، فإذا تصادق عليه العناوين الحسنة والقبيحة، يقع التزاحم بين مناطاتها ويكون الحكم العقلي في الوجود الخارجي تابعا لما هو الأقوى بحسب المناط، مثال ذلك، ان الكذب بما انه كذب مع قطع النظر عن عروض عنوان آخر عليه في الوجود الخارجي قبيح عقلا، وإنجاء المؤمن من الهلكة حسن، وكل من الحسن والقبح ذاتي بالنسبة إلى عنوانه بما انه عنوانه، وقد يقع التزاحم بينهما في الوجود الخارجي إذا تصادقا عليه، فيرجح ما هو أقوى ملاكا وهو الإنجاء، فيحكم العقل بحسن الكلام الخارجي المنجي مع كونه كذبا، وكذا إيذاء الحيوان بما انه حيوان قبيح عقلا، ودفع المؤذي حسن لازم عقلا، وفي صورة التصادق على الموجود الخارجي يكون الحسن أو القبح تابعا لما هو أقوى مناطا.
إذا عرفت ذلك فاعلم انه قد يصدق عنوان حسن على موجود خارجي من غير ان يصدق عليه عنوان قبيح، فيكون الموضوع الخارجي حسنا محضا حسنا ملزما فيكشف العقل منه الوجوب الشرعي ثم يشك في صدق عنوان قبيح عليه مما هو راجح مناطا، فيقع الشك في الموضوع الخارجي بأنه حسن أو قبيح، وقد يكون بعكس ذلك.
مثال الأول ان إنقاذ الغريق حسن عقلا، فقد يغرق مؤمن فيحكم العقل بلزوم إنقاذه ويكشف الحكم الشرعي بوجوبه، ثم يشك في تطبيق عنوان الساب لله ورسوله عليه في حال الغرق. حيث يكون تطبيق هذا العنوان عليه مما يوجب قبح إنقاذه ويكون هذا المناط أقوى من الأول، أو دافعا له فيشك العقل في حسن الإنقاذ الخارجي وقبحه ويشك في حكمه الشرعي.