والقلب وجب الوضوء قلت: فان حرك إلى جنبه شيء ولم يعلم به؟ قال: لا حتى يستيقن انه قد نام، حتى يجيء من ذلك امر بين، والا فإنه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين أبدا بالشك، وانما ينقضه بيقين آخر» (1).
والظاهر ان لزرارة كانت أولا شبهة حكمية ولم يعلم ان الخفقة والخفقتين تنقضان الوضوء، اما للشك في مفهوم النوم وانه هل يشمل الخفقة والخفقتين أم لا، واما للشك في كونهما ناقضتين مستقلتين مع علمه بعدم دخولهما تحت عنوان النوم، واما للشك في ان النوم الناقض هل هو النوم الغالب على الحواس أو الأعم منه ومن الخفقة والخفقتين اللتين هما من المراتب الضعيفة للنوم مع القطع بدخولهما تحت عنوانه، فعلى هذا يكون معنى قوله: الرجل ينام، اما انه تحقق منه النوم حقيقة ولكن لا يعلم ان النوم الناقض ما هو، واما انه يدخل في فراش النوم ويضطجع فيه ويتهيأ له فإنه يقال انه ينام.
وبالجملة تكون الشبهة في الفقرة الأولى حكمية وأجاب الإمام عليه السلام بان النوم الغالب على العين والقلب والاذن موجب للوضوء، ثم حدثت شبهة أخرى له بان النوم الغالب على تلك الحواس مما لا سبيل إليه الا بالأمارات، فذكر بعض الأمارات الظنية مثل حركة شيء إلى جنبه وانها أمارة شرعية على النوم في صورة الشك في تحقق النوم أولا، فأجاب بأنه لا حتى يستيقن انه قد نام ويجيء من ذلك امر بين.
قوله: والا فإنه على يقين من وضوئه (إلخ) فيه احتمالات:
أحدها ان الجزاء محذوف، أي ان لم يستيقن انه قد نام فلا يجب عليه الوضوء، وقوله: فإنه على يقين (إلخ) صغرى وكبرى وتعليل للجزاء، وهذا أظهر الاحتمالات ويستفاد منها (ح) قاعدة كلية بدعوى ان الظاهر منه كونه بصدد بيان قاعدة كلية، وذكر الوضوء انما هو لكونه مورد السؤال لا لدخله في موضوع الحكم بل يمكن ان يقال مع الشك في قيديته لا يرفع اليد عن ظاهر قوله ولا تنقض اليقين أبدا بالشك.