غالب المقارعات العقلائية لعلها من هذا القبيل كالمقارعات المتداولة في هذا العصر.
وكذا يشهد لتعارفها قضية مقارعة بنى يعقوب ومقارعة رسول الله صلى الله عليه وآله قريشا في بناء البيت، بل مقارعته بين نسائه، فان الظاهر انها كانت من جهة الأمر العقلائي لا الحكم الشرعي.
وبالجملة لا إشكال في معروفية القرعة لدى العقلاء من زمن قديم كما انه لا إشكال في انها لا تكون عندهم في كل مشتبه ومجهول بل تتداول لدى التنازع أو تزاحم الحقوق فقط كما انه لا إشكال في انها ليست طريقا عقلائيا إلى الواقع ولا كاشفا عن المجهول بل يستعملها العقلاء لمحض رفع النزاع والخصام وحصول الأولوية بنفس القرعة، ضرورة انها ليس لها جهة كاشفية وطريقية إلى الواقع كاليد وخبر الثقة فكما انها في الموارد التي ليس لها واقع كتقسيم الإرث والأموال المشتركة انما هي لتمييز الحقوق بنفس القرعة لدى العقلاء كذا في الموارد التي لها واقع مجهول لديهم ليست المقارعة لتحصيل الواقع وكشف الحقيقة بل لرفع الخصام والتنازع وهذا واضح.
إذا عرفت ذلك فاعلم ان المتتبع في الموارد المتقدمة التي وردت فيها الاخبار الخاصة وكذا المتأمل في كلمات الأصحاب في الموارد التي حكموا بالقرعة يحصل له القطع بان مصب القرعة في الشريعة ليس الا ما لدى العقلاء طابق النعل بالنعل، فان الروايات على كثرتها بل تواترها - باستثناء مورد واحد سيأتي الكلام فيه - انما وردت في موارد تزاحم الحقوق سواء أكان لها واقع معلوم عند الله مجهول لدى الخصمين أولا، اما مورد تعارض البينات والدعاوي كالإشهاد على الدابة، والإيداع والاختلاف في الولد والزوجة فمعلوم، واما موارد الوصية بعتق ثلث العبيد أو عتق أول مملوك وأمثالهما فهو أيضا واضح، لأن العبيد كلهم سواء في التمتع بالحرية فتزاحم حقوقهم وحيث لا ترجيح في البين يقرع بينهم، وكذا الحال في الخنثى المشكل وغيرها من الموارد (وبالجملة) ليس في جميع الموارد المنصوصة الا ما هو الأمر العقلائي.
نعم يبقى مورد واحد هو قضية اشتباه الشاة الموطوءة مما لا يمكن الالتزام بها في أشباهها