انه فعل من أفعاله (وثانيهما) من حيث انه فعل المنوب عنه ولا جريان لأصالة الصحة من هذه الحيثية لأن سقوط التكليف عن المنوب عنه بفعل النائب باعتبار انه فعله لا فعل النائب فلا بد من إحراز الفعل الصحيح عنه ففيه إشكال لا بد من بيان كيفية اعتبار النيابة لدى العقلاء حتى يتضح الأمر، ولا بأس بالإشارة إجمالا إلى اعتبار الوكالة والولاية أيضا.
فنقول: الوكالة لدى العقلاء عبارة عن تفويض الأمر إلى شخص وإيكاله إليه فالفعل باعتبار انه فعل صادر من الوكيل نافذ في حق الموكل لأنه جعله سلطانا عليه فنفوذه عليه باعتبار اذنه وإيكاله الأمر إليه لا باعتبار انه فعل صادر من الموكل لعدم صدوره منه ونسبة الفعل إليه يكون بالتجوز والتوسع.
والولاية عبارة عن نحو سلطنة تكون دائرتها بالنسبة إلى مواردها مختلفة سعة وضيقا، أو امر وضعي لازمه تلك السلطنة، فالولي على الصغير هو السلطان عليه يتصرف في أموره بما هو صلاحه والولي على البلد هو المتصرف فيه بما هو صلاحه ومقتضى سياسته، والولي من قبل الله على الناس هو السلطان عليهم يتصرف فيهم بما هو صلاحهم وبما هو مقتضى السياسة الدينية والدنيوية فالولاية عبارة عن امر وضعي اعتباري لدى العقلاء يتبعها جواز التصرف في حيطتها، فالفعل الصادر من الولي والوالي باعتبار انه فعل صادر من السلطان نافذ على المسلط عليه والمولى عليه، لا باعتبار انه فعله أو بإذنه.
والنيابة عبارة عن قيام شخص مقام شخص آخر في نوع من الأفعال يكون حقها مباشرة المنوب عنه لدى الاختيار، كما لو قام مجلس سلام عام للسلطان تكون وظيفة أركان دولته وشرفاء مملكته الحضور فيه لمراسم السلام واتفق عذر لبعضهم فأرسل شخصا مناسبا لمقام السلطنة قائما مقامه ونائبا منابه في تشريفات السلام فإنه يعد لدى العقلاء مرتبة من حضوره بوجوده التنزيلي ويصير لدى السلطان مقربا ويكون ذاك العمل عند العذر مقبولا منه.
فالوكالة تكون في العقود والإيقاعات مما لا يكون لخصوص المباشر دخالة في تحققه ولا تكون في العبادات كما لا يقبل مجلس السلام الوكالة، والنيابة تكون في مثل العبادات التي بمنزلة الحضور في مجلس السلطان فلا يجوز الوكالة في الحج والصلاة