التي لا تنفع الا في الحفظ لا في البيع، فإذا ادعى الوكالة احتاج إلى الإثبات وان يد الأمانة صارت يد الوكالة والا فالأصل بقائها على ما كانت عليه (انتهى ملخصا).
وفيه ان كون بيعه كبيع مال الغير مع عدم اليد ممنوع لأن يد الناظر والموقوف عليه إذا كان وليا للأمر يد معتبرة عند العقلاء ودعواهما مسموعة فكيف تكون كلا يد، ودعوى كونها غير مستقلة ممنوعة، بل يد هما مستقلة ما دام كون الوقف بحاله يجب عليهما حفظه وأنحاء التصرفات التي مربوطة به وبالانتفاع منه على الوجه المشروع وإذا احتاج إلى التغيير والتبديل مع عروض المسوغ له يكون لهما الولاية على ذلك.
وما ذكره من ان يدهما في الحقيقة يد الوقف (إلخ) مما لا محصل له لعدم اعتبار اليد للوقف على الملك الموقوف عرفا ولو فرض كون يدهما يد الوقف ولا تكون الا لحفظه لا لإبطاله فمع عروض المسوغ لا يجوز لهما البيع لصيرورتهما أجنبيا وهو كما ترى، ولو كان المراد من كون اليد يد الوقف انها يد على المال الموقوف فهو من قبيل المصادرة، ومن ذلك يعلم ان تنظير يدهما بيد الودعي في غير محله.
لا يقال ان الشك في الصحة والفساد في بيع الوقف مسبب عن الشك في عروض المسوغ فأصالة عدمه حاكمة على أصالة الصحة.
فإنه يقال قد عرفت ان مبنى أصالة الصحة هو بناء العقلاء فحينئذ لو قلنا بأنها أمارة عقلائية مبناها ترجيح الغلبة وإلقاء احتمال الخلاف فالأمارة القائمة على المسبب تكون رافعة لموضوع الأصل السببي لأن الأمارة على اللازم أمارة على الملزوم وهل يكون تقدمها عليه على نحو الحكومة أو الورود أو الخروج موضوعا قد سبق الكلام في أمثاله في بابه، ولو قلنا بأنها أصل عقلائي مبناها تقنين أرباب النفوذ في أوائل تمدن البشر لرغدة العيش ثم صارت ارتكازية فلازم ذلك ان يكون الاستصحاب رادعا لأصالة الصحة الجارية في المسبب فلو كان رادعا في مورد يكون رادعا مطلقا وهو كما ترى، وقد عرفت في بعض المباحث السالفة ان الأدلة العامة غير صالحة لردع العقلاء عن ارتكازاتهم خصوصا في مثل هذا الأمر الذي يكون قطب رحى التمدن ولولاه لم يقم للمسلمين سوق، وسيأتي تتمة لذلك