الملاك في كل من الطرفين دون مثل لا تنقض لعدم الملاك في الطرفين ولا في واحد منهما لأنه ليس تكليفا نفسيا مشتملا على الملاك بل هو تكليف لأجل التحفظ على الواقع لا بمعنى كونه طريقا إليه بل بمعنى كون ترتيب آثار الواقع بملاك درك الواقع مثل ما إذا أوجب الشارع الاحتياط في الشبهة البدوية فاستصحاب الوجوب والحرمة لا يوجب حدوث ملاك في المستصحب بل يكون حجة على الواقع لو أصاب الواقع وإلا يكون التخلف تجريا لا غير، وأوضح منه الاستصحابات الموضوعية فإذا علم انتقاض الحالة السابقة في بعض الأطراف وسقط الأصلان لا يمكن كشف الحكم التخييري لعدم الملاك في الطرفين.
الثاني ان إطلاق أدلة الاستصحاب يقتضى عدم نقض اليقين بالشك في حال نقض الاخر وعدمه كما ان إطلاق أدلة الترخيص يقتضيه في حال الإتيان بالاخر وعدمه وإطلاق مثل أنقذ الغريق يقتضى إنقاذ كل غريق أنقذ الآخر أولا، ولا يجوز رفع اليد عنه الا بما يحكم العقل وهو ما يلزم منه المخالفة العملية والترخيص في المعصية والتكليف بما لا يطاق ونتيجة ما ذكر هو الأخذ بمقتضى لا تنقض تخييرا وبالأدلة المرخصة كذلك وبمثل أنقذ الغريق، وبالجملة ان المحذور فيها انما هو من إطلاق تلك الأدلة فلا بد من رفع اليد منه لا من أصلها وأجاب عنه بعض أعاظم العصر بوجه ضعيف ولقد تعرضنا لجوابه وبعض موارد الإشكال عليه في ذلك المبحث فراجع.
وأورد عليه شيخنا الأستاذ قدس سره بان لازم رفع اليد عن إطلاق كل طرف هو الترخيص في كل طرف بشرط ترك الاخر ووجوب إنقاذ كل واحد من الغريقين بشرط ترك الاخر وهو مستلزم للترخيص في المعصية إذا تركهما وللتكليف بما لا يطاق إذا ترك إنقاذ الغريقين لتحقق شرط كل من الطرفين وأجاب عنه بان الأحكام لا تشتمل حال وجود متعلقاتها ولا حال عدمها لأن الشيء المفروض الوجود ليس قابلا لأن يتعلق به حكم وكذا المفروض العدم لأنه بعد هذا الفرض يكون خارجا عن تحت قدرة العبد، وهذا الجواب لا يخلو عن إشكال.