الحلية إلى ما بعد الغليان للشك في ان الغاية ثابتة للعصير الزبيبي كما هي ثابتة للعنبي أولا ثم ان شيخنا العلامة أعلى الله مقامه سلك مسلكا آخر بعد الإشكال على الحكومة وهو ان الأصل السببي يتقدم على الأصل المسببي طبعا وهذا وجه آخر لتقدمه عليه غير الحكومة قال رحمه الله في وجه تقدمه: ان الشك الثاني معلول للأول ففي رتبة وجود الأول لم يكن الثاني موجودا وانما هو في رتبة الحكم المرتب على الأول فالأول في رتبة وجوده ليس له معارض فيحرز الحكم من دون معارض وإذا ثبت الحكم في الأول لم يبق للثاني موضوع، وجعل هذا وجه تقدم الاستصحاب التعليقي على التنجيزي.
وفيه أولا ان تقدم العلة على المعلول انما هو تقدم عقلي يدركه العقل من صدور المعلول عن العلة فيحكم بان العلة وجدت فوجد المعلول، واما في الخارج فالعلة مع المعلول لا يتقدم أحدهما على الاخر ولا إشكال في ان مثل لا تنقض اليقين بالشك يكون موضوعه الشك بوجوده الخارجي ولا تأثير للتقدم العقلي والرتبى في موضوعية الموضوع فلا يتقدم موضوع أحدهما على الاخر بحسب موضوعيته للحكم وهو الوجود الخارجي مع انه لو فرض تقدم أحدهما على الاخر في الخارج لا يتقدم في جريان الأصل.
وثانيا ان التعارض بالذات انما هو بين التعبد بالأثر الشرعي للأصل الحاكم مع مفاد الأصل المحكوم وهما في رتبة واحدة، مثلا لو شك في نجاسة الثوب المغسول بماء لأجل الشك في كريته لا يكون بين أصالة بقاء الكرية وأصالة بقاء نجاسة الثوب تعارض بالذات بل التعارض انما هو بين التعبد بطهارة الثوب المغسول بالكر وبين التعبد بنجاسة الثوب وهما في رتبة واحدة لأن الشك في نجاسته وطهارته موضوع لهما فاستصحاب النجاسة والتعبد بالطهارة المتأخر عن التعبد بالكرية برتبة متعارضان في رتبة واحدة ونتيجة ذلك: ان الماء كر لكن لا يكون مطهرا للثوب المغسول به فيترتب على الكرية ساير آثارها كعدم الانفعال ولو قيل بان استصحاب الكرية يعارض استصحاب بقاء نجاسة الثوب بلحاظ اثره وهو طهارة المغسول به يصير التعارض في رتبة واحدة فلا تكون أصالة الكرية بلا معارض ولو في رتبة ذاته.