لا ينطبق ذلك العنوان على الموجودين في عصرنا كما لو أخذ عنوان اليهود والنصارى فان القضية وان كانت حقيقية لكن ينطبق عنوان موضوعها على غير مصاديقه ففي قوله تعالى: وعلى الذين هادوا حرمنا كل ذي ظفر ومن البقر والغنم حرمنا عليهم شحومهما «إلخ» (1) كانت القضية حقيقية لكن إذا شك المسلمون في بقاء حكمها لهم لا يجري الاستصحاب كما لو ثبت حكم للفقراء وشك الأغنياء في ثبوته لهم لا يمكن إثباته لهم بالاستصحاب وهذا واضح جدا.
ان قلت: فكيف يستصحب الحكم الثابت للعصير العنبي إذا شك في ثبوته للعصير الزبيبي وهل هذا الا إسراء حكم من موضوع إلى موضوع آخر.
قلت: فرق واضح بين ما ذكرنا وبين مورد النقض لأن كل زبيب مسبوق بالعنبية بحسب وجوده الخارجي فإذا وجد العنب في الخارج وثبت الحكم له وصار يابسا يجري استصحاب حكمه لأن العنب الخارجي إذا يبس لا يرى العرف الا بقائه مع تغيير حال فالقضية المتيقنة والمشكوك فيها واحدة فيستصحب الحكم، واما المسلمون فلم يكن كل واحد منهم مسبوقا بالتهود أو التنصر خارجا ثم صار مسلما ولو كانوا كذلك لجرى في حقهم الاستصحاب كاستصحاب حكم العنب للزبيب، ومما ذكرنا ظهر الفرق بين استصحاب عدم النسخ في أحكام هذه الشريعة وأحكام الشرائع السابقة.
ولا يخفى ان مجرد احتمال أخذ عنوان غير منطبق على المسلمين كفى في المنع للزوم إحراز وحدة القضيتين ولا دافع للاحتمال في حكم من الأحكام المشكوك في نسخها لأن ظواهر الكتب المنسوخة الرائجة بينهم ليست قابلة للتمسك بها مع ورود الدس والتغيير عليها وأصلها الغير المتغير ليس عندهم ولا عندنا حتى يعلم ان الحكم ثابت للعنوان الكذائي والقرآن المجيد لم يحك العناوين المأخوذة في موضوع أحكامهم الكلية كما يظهر بالتأمل فيما جعلوه ثمرة للنزاع تبعا للمحكي عن تمهيد القواعد.
فتحصل مما ذكرنا عدم جريان استصحاب أحكام الشرائع السابقة، هذا مضافا إلى ان الشك فيها من قبيل الشك في المقتضى لعدم الدليل على إحرازه ونحن وان