إلى ظهور أدلته في فعليتهما أيضا، فحينئذ لو كان المكلف قبل الصلاة شاكا في الطهارة مع العلم بالحدث سابقا وصار ذاهلا وصلى، ثم بعد صلاته التفت إلى شكه ويقينه لا يكون مجرى للاستصحاب بالنسبة إلى قبل شروعه في الصلاة للذهول عن الشك واليقين.
واما جريان قاعدة الفراغ بالنسبة إليه أيضا فمشكل لظهور اخبارها في حدوث الشك بعد العمل وهذا الشك ليس حادثا بل كان باقيا في خزانة النفس ويكون من قبيل إعادة ما سبق أو الالتفات إلى ما كان موجودا، فتجب إعادة الصلاة اما لأجل استصحاب الحدث بعد الصلاة بان يقال: ان استصحاب الحدث في حال الصلاة مما يوجب الإعادة وهو وان كان حكما عقليا لكنه من الأحكام التي تكون للأعم من الحكم الواقعي والظاهري واما لأجل قاعدة الاشتغال لو سلمت مثبتية الاستصحاب.
ثم ان اشتراط فعلية الشك واليقين انما هو فيما إذا قلنا بأخذهما في الاستصحاب على نحو الموضوعية أي إذا كان الشك واليقين ركنين فيه، واما إذا قلنا بان المعتبر فيه هو الكون السابق والشك اللاحق كما هو مختار الشيخ الأنصاري قدس سره أو قلنا بان الاستصحاب عبارة عن جعل الملازمة التعبدية بين الكون السابق وبقائه كما يظهر من المحقق الخراساني رحمه الله في التنبيه الثاني فلا يبقى مجال للبحث عن فعلية اليقين على كلا المسلكين وعن فعلية الشك أيضا على المسلك الثاني، ومن هنا يرد إشكال على المحقق الخراساني وهو وقوع التهافت بين ما اختاره في التنبيه الأول من اعتبار فعلية الشك واليقين في الاستصحاب وبين ما اختاره في التنبيه الثاني من الاكتفاء في صحة الاستصحاب بالشك في بقاء شيء على تقدير ثبوته وان لم يحرز ثبوته بل الظاهر منه في أواخر التنبيه ان الاستصحاب عبارة عن جعل الملازمة التعبدية بين ثبوت الشيء وبقائه وذلك لأن لازم القول باعتبار فعلية اليقين والشك هو أخذهما في موضوعه ولازم ما اختاره في التنبيه الثاني هو عدم أخذ هما فيه أو لا أقل من عدم أخذ اليقين فيه ليكون مطابقا لاختيار الشيخ كما ربما يظهر من أوائل التنبيه الثاني فيقع التهافت بينهما ولا مهرب منه (1).