الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٨٥
بالبحث عن غايات الموجودات ومنافعها كما يعلم من مباحث الفلكيات ومباحث الأمزجة والمركبات وعلم التشريح وعلم الأدوية وغيرها.
واما ثانيا فلما علمت غير مره ان فعله تعالى بعين الإرادة والرضا (1) المنبعثين عن ذاته بذاته والايجاب الحاصل منهما غير الجبر الذي يكون في المبادئ الطبيعية العديمة الشعور والمبادئ التسخيرية.
واما ثالثا فهب ان الامر كما زعمه فللحكيم ان يبحث عن كيفية ترتب الافعال من مباديها الذاتية على وجه المناسبة وعدم المنافاة وان يبحث عن كيفية صدور الشر عما هو خير بالذات فينبه على أن الصادر منه أولا وبالذات هو الخير وان الشر غير صادر منه بالذات بل صدور الخيرات الكلية أدى إلى شرور جزئيه قليله العدد بالإضافة إلى تلك الخيرات العظيمة فلم يكن الصادر منه تعالى شرا أصلا كيف وبما ذكروه يدفع شبهه عظيمه من المجوس القائلين بشرك عظيم من اثبات اثنينية القديم سموهما يزدان فاعل الخير واهرمن فاعل الشر وكفى شرفا وفضلا لهم في بحث يدفع به ما هي بذر الشبهات كشبهة إبليس اللعين حين اعترض على الملائكة الذين هم من أفاضل عالم السماوات كما أن الحكماء من أفاضل طبقات الجنات بان الله لم خلقني وقد علم انى أضل عباده عن الطريق وأغويهم عن الصراط المستقيم فأجيب بالجواب القاطع لسئواله على وجه الالزام (2) للمجادل الذي لا يستعد لادراك النهج البرهاني وقيل

(1) وإذ كان فعله عن علم سابق ورضا بالفعل وليس فوقه من يحمله على ما فعل ولا في عرضه من يعارضه فيزاحمه فهو مختار في فعله واما كون الفعل ضروريا كما يقتضيه قولهم الشئ ما لم يجب لم يوجد فإنما هي ضرورة منتزعه من الوجود المفاض من عنده على معلولاته الممكنة ومن المحال ان تنقلب فتجعل الفعل واجبا عليه تعالى فيصير هو تعالى به موجبا بالفتح وهو موجب بالكسر ط مد (2) ظاهره انه جواب الزامي اسكاتي والظاهر أنه حجه برهانية ويمكن تقريبه بوجهين أحدهما سؤال الفاعل عن فعله إذا ترتب عليه شئ من جهات الشر انما يكون عن مصلحة ملزمه يتدارك بها ما يترتب على الفعل من الشر فيندفع به الاعتراض والمصالح التي نطبق عليها أفعالنا قواعد عقلية وضوابطه كليه منتزعه من الوجود الخارجي مأخوذة من نظام الكون فسؤال الفاعل عن فعله سؤال عن المصلحة التي يتبعها فعله والفحص عن المصلحة طلب للحصول عن النظام الأتم الجاري في الكون فالفعل تابع للمصلحة محكوم لها والمصلحة تابعه للوجود الخارجي والنظام الجاري هذا في افعالنا واما هو تعالى ففعله نفس الوجود الخارجي والنظام الأتم الجاري المنتزعة عنه المصلحة التابعة له الحكمة تبعية اللازم لملزومه فلا معنى لسؤاله تعالى عن تطبيق فعله على المصلحة وفعله ملاك كل مصلحة ومنشأ انتزاعها وليس وراء ه تعالى شئ يحكم عليه في نفسه وفعله.
وثانيهما ان مؤاخذة الفاعل على فعله انما يكون فيما إذا اقترن ما لا يملكه من الفعل وكذا سؤاله عن فعله انما يكون فيما إذا كان هناك ما لا يملكه من الافعال وتردد فعله بين ما يملكه وما لا يملكه والله سبحانه هو المالك على الاطلاق يملك كل شئ من كل وجه فلا معنى لسؤاله عن شئ من افعاله ولا يستلزم ذلك بطلان الحسن والقبح وارتفاع تأثير المصلحة و تجويز الإرادة الجزافية لان ملاك الحسن على هذا الوجه هو ملك الفاعل للفعل ولا يملكه الا بموافقة الفعل للمصلحة وجهه الخير المرجحة فإذا كان الفعل ذا مصلحة بالذات كالوجود الذي هو فعله تعالى كان مملوكا لفاعله بالذات فكان حسنا بالذات وإرادة ما هو حسن ذو مصلحة ليست بإرادة جزافية وهو ظاهر نعم يجوز السؤال عن الحكمة ووجه المصلحة في فعله تعالى بمعنى طلب العلم التفصيلي بها بعد العلم اجمالا بكونه لا يخلو عن المصلحة واما السؤال عن أصل المصلحة فلا كما عرفت ط مد
(٨٥)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 80 81 82 83 84 85 86 87 88 89 90 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 في تحصيل مفهوم التكلم 2
2 في تحصيل الغرض من الكلام 5
3 تمثيل 7
4 استشهاد تأييد 8
5 في الفرق بين الكلام والكتاب والتكلم والكتابة 10
6 في وجوه من المناسبة بين الكلام والكتاب 13
7 في مبدء الكلام والكتاب وغايتهما 14
8 في فائدة انزال الكتب وارسال الرسل إلى الخلق 19
9 في كيفية انزال الكلام وهبوط الوحي من عند الله بواسطة الملك على قلب النبي وفؤاده ثم إلى خلق الله وعباده لبروزه من الكتب إلى الشهادة 22
10 إنارة قبيلته وإشارة نورية 26
11 في كشف النقاب عن وجه الكتاب ورفع الحجاب عن سر الكلام وروحه لأولى الألباب 30
12 في تحقيق كلام أمير المؤمنين وامام الموحد على (ع) كما ورد ان جميع القرآن في باء بسم الله وانا نقطة تحت الباء 32
13 في بيان الفرق بين كتابة المخلوق وكتابة الخالق 34
14 في تحقيق قول النبي (ص) ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا 36
15 تذكرة تمثيلية 39
16 في توضيح ما ذكرناه وتبيين ما أجملناه من كون معرفة لب الكتاب مختصة باهل الله من ذوي البصائر والألباب 40
17 رمز قرآني وتلويح كلامي 40
18 اشعار تنبيهي 43
19 في نعت القرآن بلسان الرمز والإشارة 44
20 تنبيه واشعار 45
21 في الإشارة إلى نسخ الكتب ومحوها واثباتها 47
22 في ذكر ألقاب القرآن ونعوته 50
23 الموقف الثامن في العناية الإلهية الرحمة الواسعة لكل شئ وكيفية دخول الشر والضر في المقدورات الكائنة بحسب القضاء الإلهي والتقدير الرباني وفيه فصول 55
24 في القول في العناية 55
25 في مباحث الخير والشر 58
26 شك وتحقيق 62
27 في اقسام الاحتمالات التي للموجود من جهة الخير والشر 68
28 في ان جميع أنواع الشرور من القسم المذكور لا توجد الا... 70
29 في كيفية دخول الشرور في القضاء الإلهي 72
30 في دفع أوهام وقعت للناس في مسئلة الخير والشر 78
31 في ان وقوع ما يعده الجمهور شرورا في هذا العالم قد تعلقت به... 91
32 في بيان كيفية أنواع الخيرات والشرور الإضافية 94
33 حكمة أخرى 101
34 في ان العالم المحسوس كالعالم المعقول مخلوق على أجود... 106
35 في بيان ان كل مرتبة من مراتب مجعولاته أفضل ما يمكن وأشرف... 108
36 في نبذ من آثار حكمته (تعالى) وعنايته في خلق السماوات والأرض 118
37 في ذكرا نموزج من آثار عنايته في خلق المركبات 124
38 في آيات حكمته وعنايته في خلق الانسان 127
39 في عنايته تعالى في خلق الأرض وما عليها لينفع بها الانسان... 134
40 في بدائع صنع الله في الاحرام الفلكية والأنوار الكوكبية 139
41 في اثبات ان جمعي الموجودات عاشقة لله سبحانه مشتاقة إلى لقائه 148
42 في بيان طريق آخر في سريان معنى العشق في كل الأشياء 158
43 في بيان ان المعشوق الحقيق لجميع الموجودات وان كان شيئا واحدا... 160
44 في التنبيه على اثبات الصور المفارقة التي هي مثل الأصنام الحيوانية 169
45 في ذكر عشق الظرفاء والفتيان للأوجه الحسان 171
46 في ان تفاوت المعشوقات لتفاوت الوجودات 179
47 في اختلاف الناس في المحبوبات 184
48 في الإشارة إلى المحبة الإلهية المختصة بالعرفاء الكاملين... 188
49 الموقف التاسع في تمهيد أصول يحتاج إلى معرفتها في تحقيق وأول الهويات... 192
50 في ان أول ما يصدر عن الحق يجب ا ن يكون أمرا واحدا 204
51 في سياقة أخرى من الكلام لتبين هذا المرام أورده (بهمنيار) 207
52 وهناك مساق آخر في البرهان على هذا الأصل افاده الشيخ الرئيس... 209
53 في ذكر شكوك أوردت على هذه القاعدة والإشارة إلى دفعها 211
54 وهم وتنوير 219
55 في قاعدة امكان الأشرف الموروثة من الفيلسوف الأول مما يتشعب 244
56 اشكال فكري وانحلال نوري 254
57 تبصرة مشرقية 257
58 في نتيجة ما قدمناه من الأصول وثمرة ما أصلناه في هذه الفصول 258
59 تبصرة تفصيلة 262
60 تكميل انحلالي لشك اعضالي 276
61 الموقف العاشر في الإشارة إلى شرف هذه المسئلة وان دوام الفيض والجود لا ينافي... 282
62 في بيان حدوث الأجسام بالبرهان من مأخذ آخر مشرقي غير ما سلف 297
63 في ذكر ملفقات المتكلمين ونبذ من آرائهم وأبحاثهم في هذه المسئلة 298
64 في بعض احتجاجات المتكلمين وأرباب الملل وانقطاع الفيض 300
65 في طريق التوفيق بين الشريعة والحكمة في دوام فيض الباري وحدوث العالم 326