به عليه فلم يكن بد من أن يكون الغرض النافع في وجود هذه الأشياء مستتبعا لافات يعرض منها في بعض المواد لكن الامر الاكثرى والامر الدائم هو الخير المقصود منها في الطبيعة.
اما الاكثرى فان المنتفعين بالنار مثلا أكثر من المستضرين والمستضرون أيضا أوقاتهم التي هم فيها في كنف السلامة من الاحتراق أكثر من زمان استضرارهم.
واما الدائم فلان أنواعا كثيره لا تستحفظ الا بوجود مثل النار فلم يحسن في الإرادة الأزلية والعناية الأولى ان يترك المنافع الأكثرية والخيرات الدائمة لعوارض شرية أقلية فالحكمة الإلهية اقتضت ان لا يترك الخيرات الفائضة الدائمة النوعية والمنافع الأكثرية لأجل شرور في أمور شخصية غير دائمة ولا أكثرية فالخير مقضى بالذات والشر مقضى بالعرض.
واعلم أن هذا القسم من الشر الوجودي لا يوجد في عالم القضاء الإلهي الذي هو عبارة عن وجود جميع الأشياء بصورتها العقلية لخلوصها عن المادة ونقائصها فالنار العقلية لا شر فيها (1) وكذا الماء العقلي والانسان العقلي والفرس العقلي والأسد العقلي وكذا سائر الصور العقلية لسائر الأشياء لا شرية لها بل كلها خير محض وانما يوجد الشرور في عالم القدر الذي هو تفصيل الصور التي في عالم القضاء وتجسيمها وتقديرها بقدرها المعلوم وهذا الوجود الجسماني لا يخلو من تضاد وتمانع توجبان التفرقة والتكثير ويعدمان تلك الجمعية والوحدة ومنبع التفرقة هي المادة كما أن منبع وجود المادة هو الامكان فان صدور المواد الجرمانية من العقول الفعالة انما هو من جهة امكاناتها ونقصاناتها لا من جهة وجوب وجوداتها وكمالاتها فالهيولي منبع الشرور والنقص ولا بد من وجودها كما علمت.
قال المحقق الطوسي ره في شرح الإشارات عند قول الشيخ لان كل شئ لازم له بوسط أو بغير وسط يتأدى اليه بعينه قدره الذي هو تفصيل قضائه الأول تأديا