فنحن بسواد هذا العين لا نشاهد الا سواد أرقام الكلام ومداد نقوش الكتاب فإذا خرجنا من هذا الوجود المجازي والقرية الظالم أهلها مهاجرا إلى الله ورسوله في قطع المنازل التي بيننا وبين المطلب وأدركنا الموت عن هذه النشات والأطوار التي بعضها صور حسية أو خيالية أو وهمية أو عقلية وقطعنا النظر عن الجميع ومحونا بوجودنا في وجود كلام الله ثم أحيانا الله بعد موتنا وأخرجنا من المحو إلى الصحو ومن الفناء إلى البقاء ومن الموت إلى الحياة حيوه ثابته باقيه ببقاء الله فما نرى بعد ذلك من القرآن سوادا أصلا الا البياض الخالص والنور الصرف الذي لا يشوبه ظلمه واليقين المحض الذي لا يعتريه شك وتحققنا بقوله تعالى ولكن جعلناه نورا نهدى به من نشاء من عبادنا وبقوله وعلمناه من لدنا علما.
وعند ذلك نقرء الآيات من نسخه الأصل وهو الامام المبين والذكر الحكيم ومن عنده علم الكتاب وهو أمير المؤمنين على ع لقوله تعالى وانه في أم الكتاب لدينا لعلى حكيم ولهذا نطق بما نطق من قوله انا نقطه تحت الباء وقوله مشيرا إلى صدره الشريف ان هيهنا لعلوما جمه لو وجدت لها حمله ولعل الكلام في الكلام قد خرج عن طور الأوهام وتعدى عن أسلوب المباحثة والتعليم لكن المثل سائر ان الكلام يجر الكلام وليعذرني اخوان الحقيقة ان عشق الحبيب يجرني على عد أوصاف كماله ونعوت جماله وعد شمائله في ذاته وصفاته وكلامه وكتابه ورسوله وأمره ونهيه وسائر افعاله كما نحن بصدده انشاء الله ولنرجع إلى ما كنا فيه الفصل في بيان الفرق بين كتابه المخلوق وكتابه الخالق هذا أيضا علم ذوقي لا يذعنه الا صاحب بصيرة قلبيه يعرف الفرق بين صوره محسوسه يكون مبدء ها من خارج الحس وبين صوره محسوسه يكون مبدء ها من داخل الحس مع أن كلا منهما محسوس بهذه الحواس الظاهرة والحس لا يفرق بينهما فقد يقع لبعض الناس عند ظهور سلطان الباطن وقوه بروزه إلى الظاهر كما قال تعالى