خلقت سدنه هذا العالم الصغير كلها مجبولة على طاعة الروح وكذا مواضعها وأجسامها لا تستطيع لها خلافا ولا تمردا وعصيانا فإذا أمرت العين للانفتاح انفتحت وإذا أمرت اللسان للتكلم تكلم وإذا أمرت الرجل للحركة تحركت وإذا أمرت اليد للبطش بطشت فهكذا في سائر الآلات والأعضاء فتسخر الحواس والقوى والأعضاء للنفس الانسانية يشبه من وجه تسخر الملائكة والاجرام العظام الفلكية والعنصرية لله سبحانه حيث جبلوا على الطاعة وفطروا على الخدمة.
وأدناها طلبه لشئ أو استدعاؤه لفعل بواسطة لسان أو جارحه فان المقصود هيهنا من الكلام سواء كان بعبارة أو إشارة أو كناية أو نحو آخر من انحاء الاعلام شئ آخر غير الكلام وغير لازمه ولهذا قد يقع وقد لا يقع لثبوت الوسائط العرضية ومع ارتفاع الوسائط العرضية كما في القسمين الأولين لا سبيل للمخاطب بالامر الا السمع والطاعة وكذا ما لم يقع في الوجود عن أوامر الله تعالى التي هي بالواسطة ليس بقادح في كمال حكمته وقدرته فان الامر التشريعي التدويني من الأوامر الإلهية التي امر بها عباده على السنة رسله وتراجمه وحيه في كتبه هذا شانه فمنهم من أطاع ومنهم من عصى.
استشهاد تأييدي ومما يؤيد ما ذكرنا أنه قال صاحب الفتوحات المكية إذا كان الحق هو المكلم عبده في سره بارتفاع الوسائط كان الفهم يستصحب كلامه فيكون عين الكلام منه عين الفهم منك لا يتأخر عنه فان تأخر عنه (1) فليس هو كلام الله ومن