ان الأولى مما يبرز من جهة الباطن والغيب إلى جهة الظاهر والشهادة فيدرك بين الخيال أولا ثم بعين الحس تبعا بخلاف الثانية فان الامر فيها على عكس ذلك من حيث إنها تدرك أولا بعين الحس ثم بعين التخيل لوجب ان يختص بمشاهده كتابه الخالق من غلب على باطنه سلطان الآخرة دون غيره من افراد الناس وأهل الحجاب.
قلت لعل حصولها لغيره بحسب التبعية من جهة تأثير نفسه فيهم وسراية حاله منه إليهم لأسباب خفيه لا يطلع على تفاصيلها ولا يبعد ان يكون اهتمام نفوس الحاضرين من جهة استغراقهم في تلك الساعة في التعجب عن حاله والتفكر في ذلك يوجب تعطل حواسهم الظاهرة عن استعمال النفس إياها في المحسوسات الخارجة ورجوعها إلى جانب الباطن ومعدن التخيل وعالم الغيب الفصل في تحقيق قول النبي ص ان للقرآن ظهرا وبطنا وحدا ومطلعا (1) اعلم أن القرآن كالانسان ينقسم إلى سر وعلن ولكل منهما أيضا ظهر وبطن ولبطنه بطن آخر إلى أن يعلمه الله ولا يعلم تأويله الا الله وقد ورد أيضا في الحديث ان للقرآن ظهرا وبطنا ولبطنه بطنا إلى سبعه ابطن وهو كمراتب باطن الانسان من الطبع والنفس والصدر (2) والقلب والعقل والروح والسر والخفي اما ظاهر علته