الأحوال المذكورة موجبه لوجود العالم فهو محال لأنه ليس في العدم الصريح حال يكون الأولى فيه ان يكون العالم موجودا أو بالباري ان يكون موجدا أو يكون فيه حال آخر تقتضى وجوبه لتشابه الحال هذا خلاصه كلامهم في اثبات قدم العالم.
أقول هذه المقدمات كلها صادقه حقه اضطراريه لكن مع ذلك لا يلزم منها قدم العالم فإنك قد علمت أن الماهية المتجددة الوجود ثباتها عين التجدد وفعليتها عين القوة الاستعدادية ووجودها مشوب بالعدم وتمامها وكمالها عين النقص والقصور فهو مستند إلى فاعله التام الفاعلية وموجبه الدائم الفيض الثابت العلية من جهة ثباته وفعليته ووجوده وتمامه وكماله لا من جهة تجدده وقوته ونقصه وقصوره لأنها من لوازم ذاته بلا جعل وتأثير لما علمت أن لوازم الماهية غير مجعوله.
وظاهر ان المعلول لا يلزم ان يكون مثل العلة في نحو الوجود وقوامه وثباته بل مدار المعلولية على القصور في الوجود عن درجه وجود العلة الفاعلية والقصور انما يكون بدخول العدم في هويه المعلول.
نعم الحدوث إذا كان وصفا زائدا على وجود الشئ المجعول كان السؤال باللمية واردا على تخصيص ذلك الحدوث بوقت مخصوص دون سائر الأوقات واما إذا كان الحدوث والتجدد بمنزله الماهية ولوازمها غير المجعولة فحكمه حكم سائر الماهيات الصادرة عن الفاعل الدائم المتعلقة الوجود بالفاعل الدائم دائما فكما لا يلزم من كون الواجب خالقا للانسان ان يكون الواجب انسانا والانسان واجبا فكذا لا يلزم من كون المؤثر القديم موجبا للحادث في ذاته ان يكون الحادث قديما أو القديم حادثا لان الحدوث للموجود المتجدد الهوية بمنزله الذاتي المقوم للماهيات والجعل غير متخلل بين الذات والذاتي فهذا حق الجواب عن شبهه الفلاسفة المنكرين لحدوث العالم بما فيه ومعه.
واما متكلموا أهل الملل فهم طائفتان إحديهما القائلون بنفي العلية والمعلولية في الموجودات وبالقدرة الجزافية وليس لأهل العلم كلام معهم لان بناء المباحث العلمية على العلية والمعلولية وايجاب