من الكمالات وان يعلم أن افراد الانسان بما هم إناث ليس مقتضى كما لهم الأول ولا الثاني ان يكونوا حكماء عرفاء بالله وملكوته وآياته واليوم الآخر فان هذا ليس في جبله أكثر الناس بل في طباع طائفه مخصوصة هم في الحقيقة نوع آخر من الناس مخالف لما سواهم فان الانسان قد أشرنا إلى أنه من حيث النشأة الأولى نوع واحد ومن حيث نشأة الفطرة الثانية من طينه سره وباطنه أنواع كثيره ولكل نوع منهم كمال يخصه وسعادة لأجله وشقاوة تقابلها كما سيجئ وشرحه في بحث المعاد.
قال الشيخ في الشفا اعلم أن الشر الذي هو بمعنى العدم اما أنه يكون شرا بحسب امر واجب أو نافع قريب من الواجب واما ان لا يكون شرا بحسب ذلك بل شرا بحسب الامر الذي هو ممكن في الأول ولو وجد لكان على سبيل ما هو فضل من الكمالات التي بعد الكمالات الثانية ولا مقتضى له من طباع الممكن فيه وهذا القسم غير الذي نحن فيه وهو الذي استثنيناه هذه وليس هو شرا بحسب النوع بل بحسب اعتبار زائد على واجب النوع كالجهل بالفلسفة أو بالهندسة أو غير ذلك فان ذلك ليس شرا من جهة ما نحن ناس بل هو شر بحسب كمال لا صلاح في أن يعم وستعرف انه انما يكون شرا إذا اقتضاه شخص انسان أو شخص نفسه وانما يقتضيه الشخص لا لأنه انسان أو نفس بل لأنه قد ثبت عنده حسن ذلك واشتاق اليه واستعد لذلك الاستعدادات واما قبل ذلك فليس مما ينبعث اليه الشئ في بقاء طبيعة النوع انبعاثه إلى الكمالات الثانية التي تتلو الكمال الأول فإذا لم يكن كان عدما في امر ما مقتضى له كان في الطباع انتهى عبارته.
ومنها انه إذا كان ما يستر عن الانسان من المعاصي أو يتصف به من الرذائل واقعا بقضاء الله داخلا في قدره كما اعترفتم به فيجب وقوع تلك المعاصي والآثام منه بالضرورة شاع الانسان أو أبى وإذا كان وقوعها واجبا اضطراريا فلا يليق بالواجب جل الذي هو منبع الجود والاحسان عن أن يعاقب بذلك أهل العصيان ويعذب الانسان الضعيف العاجز على فعل يجب صدوره عنه على سبيل الاضطرار فان ذلك ينسب إلى خلاف