للفلك لمناسبه اللطافة والنورية ولو جاوره غيرها من العناصر تسخن بدوام حركته فصار نارا وانضم إليها تسخين النار فاحترقت باقي العناصر وصار الكل نارا فانفسد الجميع ولما كانت العناية الأزلية اقتضت وجود نفوس ناطقه وغير ناطقه احتاجت إلى أبدان حيوانية ونباتيه يغلب على أكثرها العنصر اليابس الذي بيبسه تتحفظ الصور والاشكال وجب ان يكون الأرض باردة يابسه متماسكة الاجزاء ليجاورها الحيوان والنبات الغالب عليهما عنصرها ويجب أيضا لما ذكرنا من الحكمة ان لا يكون الماء محيطا بالأرض إحاطة تامه لاحتياج أكثر الحيوان والنبات لاستنشاق الهواء وجذبه ثم جعل الهواء مجاورا للنار لمناسبتها في الحر والميعان وجعل الماء متوسطا بين الهواء والأرض لمناسبه الهواء في الميعان ومناسبة الأرض في البرد لئلا يبطل العدل.
ثم انظر لو لم يكن طبقات الاجرام التي فوق الأرض من العناصر والأفلاك شفافه بل ملونة لوقفت أضواء الكواكب على سطوحها أو انعكست إلى ما فوقها وما وصلت إلى عالم الكون والفساد فبقي أهل هاوية الهيولى في ظلمه لا أوحش منها فجعلت الكواكب مضيئه والأفلاك وباقي العناصر شفافه ولو كانت العناصر كلها قابله للنور اشتد الحر فيها وقوى إلى حد يؤدى إلى احراق ما في هذا العالم كله الفصل في ذكر أنموذج من آثار عنايته في خلق المركبات ا لم تر يا عارف إلى ربك كيف خلق للعنصريات حراره هي محلله ملطفة محركة وبرودة مسكنه غاقدة ورطوبة قابله للتشكل والتقسيم ويبوسة حافظه لما أفيد من التصوير والتقويم وكيف ركب المواليد من امتزاج كيفيات العناصر واعد لكل كمال مزاجا خاصا وأفاض على كل مستعد ما يستحقه من الكمال ولم يقتصر له على هذا بل زاده من الافضال ما يهتدى به إلى الثواني من الكمالات والغايات وبذلك يقع الارتفاع في القوس الصعودي إلى الدرجات ولذلك قال ربنا الذي اعطى كل شئ خلقه ثم هدى فانظر لما كانت أجساد النبات والحيوان لم يحصل الا ويلزمها قبول التحليل كيف رتب لها قوه غاذية