الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٤٧
الفصل في الإشارة إلى نسخ الكتب ومحوها واثباتها قد ذكر الشيخ المحقق محيي الدين الاعرابي في الباب السادس عشر ثلاثمأة من كتابه المسمى بالفتوحات المكية أنه قال ص حكاية عن نفسه على طريق التمدح انه اسرى به حتى ظهر لمستوى يسمع فيه صريف الأقلام وهو قوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير فالضمير في أنه هو يعود على محمد ص فإنه اسرى به فرأى الآيات وسمع صريف الأقلام فكان يرى الآيات ويسمع منها ما حظه السماع وهو الصوت فإنه عبر عنه بالصريف والصريف الصوت فدل انه بقي له من الملكوت فوقه قوه ما لم يصل اليه بجسمه من حيث هو راء ولكن من حيث هو سميع (1) فوصل إلى استماع أصوات الأقلام وهي تجرى بما يحدث الله في العالم من الاحكام وهذه الأقلام رتبتها دون رتبه القلم الاعلى (2) ودون اللوح المحفوظ فان الذي كتبه القلم الاعلى لا يتبدل وسمى

(١) حاصل كلامه ان عالم الملكوت عالم تام فيه جميع ما هو في هذا العالم من المحسوسات الخمس على وجه يليق بالملكوت لكن كل منها يوصل اليه بمشعر خاص من الخمسة المستنيرة بالمشاعر الملكوتية فبقوته الباصرة يرى ما لا يرى اشخاص الانسان الطبيعي بما هو طبيعي من المرئيات الملكوتية وبسمعه يسمع ما لا يسمعون وبذوقه يدرك ما لا يذوقون لقوله أبيت عند ربى يطعمني ويسقيني وبشمه ما لا يشمون كقوله انى لأجد نفس الرحمن من قبل اليمن وبلمسه ما لا يلمسون كقوله وجدت برد أنامله بين ثديي وبالجملة جميع ما يدركه النبي أو الولي حاله الانسلاخ ملكوتية بالمدارك الملكوتية وكل له شان يختص به س قده (٢) ليس المراد بالأقلام العقول التي في الطبقة المتكافئة التي هي دون القلم الاعلى الذي هو العقل الكلى سواء أريد بعقل الكل العقل الأول أو جمله العقول الطولية والعرضية ولا المراد بها النفوس الكلية السماوية اي عاقلتها باعتبار فعاليتها فيما دونها لان الشيخ العربي جعل رتبه هذه الأقلام دون اللوح المحفوظ والنفوس الكلية هي اللوح المحفوظ بل المراد بها النفوس الجزئية الفلكية المسماة بالنفوس المنطبعة لكن لها اعتباران أحدهما اعتبار تعلقها بالمواد الفلكية وبهذا الاعتبار هي ألواح المحو والاثبات لسيلان الطبائع الفلكية جوهرا على التحقيق وعند هذا الشيخ بل حقيقة اللوح هي الهيولى المجسمة وثانيهما اعتبار تدليها وتعلقها بنفوسها الكلية وبهذا الاعتبار هي أقلام رتبتها كذا وكذا س قده
(٤٧)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 42 43 44 45 46 47 48 49 50 51 52 ... » »»
الفهرست