اغتذى به يفهم منطق الطير كله وهو المقصود من بسط الشبكة في الأرض دون غيره سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون وكان بعضهم لقصوره لا يطيق ملاحظه هذا الامر الذي به قوت القلوب وغذاء الأرواح فألجموا عما لا يطيقون خوض غمرته فألجموا بلجام المنع وقيل لهم اسكتوا فما لهذا خلقتم لا يسال عما يفعل وهم يسئلون ما للعميان وملاحظة حقائق الألوان.
واما من امتلأت مشكاة قلبه نارا مقتبسا من نور القرآن فأدرك اسرار الأمور والكلمات والآيات كما هي فقيل لهم تأدبوا بآداب الله ورسوله واسكتوا فسيروا بسير أضعفكم ولا تكشفوا حجاب الشمس لابصار الخفافيش فيكون ذلك سبب هلاكهم وانزلوا إلى السماء الدنيا من منتهى علوكم ليأنس بكم ضعفاء الابصار ويقتبسوا من بقايا أنواركم المشرقة المشرقية من وراء حجب مضروبه بينكم وبينهم وكونوا كما قيل شربنا وأهرقنا على الأرض فضله وللأرض من كأس الكرام نصيب ولذلك يوجد في القرآن ما فيه صلاح كل أحد وما رزق من الأرزاق المعنوية والصورية الا ويوجد في الكتاب قسم منه لأهله متاعا لكم ولأنعامكم ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين وكما يوجد فيه من حقائق الحكم وطرائف النعم التي فيها غذاء للأرواح والقلوب فكذلك يوجد فيه العلوم الجزئية والأغذية والأدوية الصورية من القصص والاحكام والمواريث والديات والمناكحات وغيرها مما ينتفع به المتوسطون في المنازل والعوام ففيه الأغذية المعنوية والصورية معا والاقسام الأخروية والدنيوية جميعا فما من شئ الا وفيه تبيانه ولو كان من باطنك طريق إلى ملكوت القرآن و باطنه لتعرف كونه تبيانا لكل شئ.
تنبيه واشعار اعلم أن خطابات القرآن كقوله يا أيها الانسان يا أيها الذين آمنوا مما يختص بأحباء الله المتألهين وأوليائه المقربين لا المبعدين الممكورين والجاحدين المنكرين إذ ليس لهم نصيب من رزق معاني هذا الكلام والكتاب الا قشور الألفاظ والمباني انهم عن