كلها خير ومحمود ومؤثر فالامر حمد كله وليس في الوجود ما هو مذموم حقيقة بل اعتبارا فقط ولنأخذ في توضيح هذا المقام بالبرهان الأتم والبحث الأقوم الفصل في أن العالم المحسوس كالعالم المعقول مخلوق على أجود ما يتصور في حقه وأبلغ ما يمكن على وجه الاجمال فنقول قد تحقق واتضح ان واجب الوجود اله العالم جل ذكره برئ من انحاء النقص ووجوده الذي هو ذاته وحقيقته أفضل انحاء الوجود وأتمها بل هو حقيقة الوجود وماهيته وما سواه لمعه ورشح أو ظل له ولذلك قلنا إنه واجب الوجود من كل جهة وانه كل الوجود إذ كله الوجود ولاجل ذلك لا سبب له ولا اقدم من وجوده وجود فلا فاعل له ولا مادة ولا صوره ولا موضوع ولا غاية بل هو غاية الغايات ومبدء المبادئ وصوره الصور وحقيقة الحقائق ومذموت الذوات ومجوهر الجواهر ومشئ الأشياء وكل ما هو كذلك فما يصدر عنه ويفعله فإنما يصدر عن حاق ذاته وينشأ عن صميم هويته من غير داع زائد يدعوه أو غرض يحمله على الفعل ولا يفيده وجود ما يوجد عنه كمالا لم يكن أو كرامة أو بهجة ولذة أو نفعا أو طلبا لمحمده أو تخلصا من مذمة أو غير ذلك من المنافع والخيرات الظنية أو الحقيقية لأنه برئ من كل نقيصه غنى عن العالمين فلذلك وجوده الذي به تجوهر ذاته هو بعينه وجوده الذي به فاعليته فالذات هناك في كونه ذاتا وفي كونه مبدء شئ واحد حقيقة واعتبارا لا كغيره من الفاعلين حيث ينقسم بشيئين بأحدهما يتجوهر بالاخر يفعل كالكاتب منا يتجوهر بأنه ناطق ويكتب بأنه ذو ملكه كتابه وكالشمس في كونها مضيئه للأرض والنار في كونها محرقة لحطب فاعليتهما بغير ما يتحقق به ماهيتهما فتفتقران إلى صفه زائده بل إلى قابل يقبل تأثيرهما لا كالباري جل اسمه يبدع الأشياء من نفسه لا من قابل لأنه الذي يخلق القابل والمقبول والمادة والصورة جميعا وإذا كان كذلك فكل ما يوجد منه حيث يوجد من أصل حقيقته يجب ان يكون اشرف الممكنات المفروضة واجل المجعولات المتصورة بحيث لا أفضل
(١٠٦)