ولا ممنوعة عن وصولها إلى ما خلق لأجله منعا مستمرا بل لا بد وان تعود اليه عند زوال القاسر كما قال اشرف الخلق ع والكل ميسر لما خلق له إذ القسر كما علمت لا يكون دائميا ولا أكثريا فكل طبيعة لا تتعطل عن كمالها ابدا فنقول لا يخلو الكفر أو ما يجرى مجراه اما ان يخرج الانسان عن الفطرة الأولى ويدخله في فطره أخرى من نوع آخر أو لا وعلى اي التقديرين يلزم ان لا يكون العذاب أبديا.
اما على تقدير الخروج فظاهر لأنه صار نوعا آخر بسبب تكرر أفاعيله الشهوية أو الغضبية فصارت الملكة النفسانية صوره ذاته وجوهر طبعه فيكون تلك الأفعال عند ذلك من كمالات ذاته كالبهيمة كمالها في قضاء الشهوة والسبع كماله في الغلبة والتهجم فلم يكن الشئ معذبا بما يلايم نفسه وطبعه بل مبتهجا به كما نرى من أحوال أكثر الخلق.
واما على تقدير البقاء على الفطرة التي كانوا عليها فإنه وقع الاحتجاب عنها بعوارض غير لازمه ولا دائمة فعند زوال العوارض يقع الرجوع إلى الفطرة الأصلية فينالهم الرحمة الواسعة والجود الأعم من غير دافع ولا حجاب فاذن لا وجه للخلود في العذاب (1).