سر بعث الأرواح وحشر الأجساد جميعا كما ستقف عليه في مباحث المعاد إن شاء الله تعالى الفصل في وجوه من المناسبة بين الكلام والكتاب ولعلك قد تنبهت بما أشرنا إليك ان عالم الامر بما فيه أحق بان يكون عالما قوليا وكلاما إلهيا ونظاما جمليا وان عالم الخلق بما فيه أحرى بان يكون عالما فعليا و كتابا تفصيليا مطابقا لذلك المجمل مناسبا إياه فمن وجوه المناسبات انه كما أن كلام الله مشتمل على الآيات كقوله تعالى تلك آيات الله نتلوها عليك بالحق فكذلك الكتاب يشتمل عليها أيضا تلك آيات الكتاب المبين وان الكلام إذا تشخص وتنزل صار كتابا كما أن الامر إذ انزل صار فعلا انما امره إذا أراد شيئا ان يقول له كن فيكون فصحيفة وجود العالم العقلي الفعلي الخلقي هي كتاب الله عز وجل وآياتها أعيان الكائنات الخلقية وصور الموجودات الخارجية لقوله تعالى ان في اختلاف الليل والنهار وما خلق الله في السماوات والأرض لايات لقوم يتقون وهذه الآيات البينات الخلقية انما ثبتت ووجدت في عالم الآفاق في صحائف موادها الجسمانية ليتيسر لأولي الألباب من جهة التلاوة لها والتدبر لمعانيها والتنبه لمشاركاتها ومبايناتها ان يتفطنوا بالآيات الامرية العقلية الثابتة في عالم الأنفس والعقول لينتقلوا من المحسوس إلى المعقول ومن عالم الشهادة إلى عالم الغيب ويرتحلوا من الدنيا إلى الآخرة ويحشروا إلى الله مسترجعين راجعين اليه كما قال تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم انه الحق.
قال بعض المحققين ان الانسان ما دام في مضيق البدن وسجن الدنيا مقيدا بقيود البعد والمكان وسلاسل حركة والزمان لا يمكنه مشاهده الآيات الآفاقية والأنفسية على وجه التمام ولا يتلوها دفعه واحده الا كلمه بعد كلمه وحرفا بعد حرف ويوما بعد يوم و ساعة بعد ساعة فيتلوا آية ويغيب عنه أخرى فيتوارد عليه الأوضاع ويتعاقب له الشؤون والأحوال وهو على مثال من يقرا طومارا وينظر إلى سطر عقيب سطر آخر وذلك لقصور