الفصل في الفرق بين الكلام والكتاب والتكلم والكتابة قال بعض المحققين ان كلام الله غير كتابه (1) والفرق بينهما بان أحدهما وهو الكلام بسيط والاخر وهو الكتاب مركب وبان أحدهما من عالم الامر والاخر من عالم الخلق والأول دفعي الوجود والثاني تدريجي الكون لان عالم الامر خال عن التضاد والتكثر والتغير لقوله تعالى وما أمرنا الا واحده كلمح بالبصر أو هو أقرب واما عالم الخلق فمشتمل على التكثر والتغير ومعرض للأضداد لقوله تعالى ولا رطب ولا يابس الا في كتاب مبين.
أقول ولاحد ان يقول إن الكلام والكتاب امر واحد بالذات متغائر بالاعتبار وهذا انما ينكشف عليك بمثال في الشاهد وهو الانسان لكونه على مثال من ربه تعالى عن المثل لا عن المثال فالانسان إذا تكلم بكلام أو كتب كتابا فإنه يصدق على كلامه انه كتاب وعلى كتابه انه كلام بيان ذلك أنه إذا تكلم وشرع في تصوير الألفاظ أنشأ في الهواء الخارج من جوفه وباطنه بحسب استدعائه الباطني النفساني الذي هو بإزاء النفس الرحماني والوجود الانبساطي هيات الأصوات والحروف والكلمات حيثما تنفس وانتقش منه ذلك الهواء المسمى بالنفس الانساني وتصور بصور الحروف الثمانية والعشرين وما يتركب منها كما ينشأ من غيب الحق الوجود الانبساطي المسمى عندهم بالحق المخلوق به متعينا بتعينات الصور الامكانية لظهور الشؤون الإلهية ومكنونات الأسماء الحسنى والصفات العليا على مجالي المهيات وهياكل الممكنات ومظاهر الهويات والموجودات بحسب مراتب التنزلات لحقيقة الوجود الحق المطلق ودرجات الشدة والضعف الحاصلة من مراتب القرب والبعد من منبع الوجود المسمى بالهوية الأحدية