نهبهم وطغيانهم وعداوتهم لان الإرادة إذا كانت متجددة جزافية فما المانع من وقوع الامر على نحو ما يلائم شهوة كل أحد فان كل ما يجعلونه مانعا عن وقوع الفعل على ما يوافق مطلوبهم ومآربهم سيما إذا أعدوا نفسهم من احياء الله والصالحين من عباده فيقال لم ما جمع من له هذه الإرادة الجزافية بين دفع المانع وحصول المطلوب ولم لم يجمع بين السلامة عن الآفة وحصول المثوبة بل يقال لم لم يرفع الكفر والجور من العالم حتى يملأ الأرض أزلا وابدا قسطا وعدلا بل يجعل الأرض غير الأرض كما في الآخرة ونقية فورانية صافيه من أدناس الكفر والفجور فان قالوا التقدير الأزلي منعه عن ذلك فيقال كون التقدير الأزلي عنه واجب أو ممكن فإن كان ممكن الطرفين واختار أحدهما فلا بد من مرجح زائد كما هو رأيكم وترجيح الخير العام كان أولى إذ لا مصلحة للكافر في كفره وللشقي في شقائه وإن كان ذلك التقدير واجبا بحيث ما كان يصح الوجود الا كما هو عليه فيثبت اللزوم فان قالوا إنه فعل ما شاء ولا يسئل عن لم فيقال عدم السؤال بالمعنى الذي تصورتموه لأنه يحرق اللسان أو لان النظر هيهنا حرام أو لان الحجة لا تنتهى اليه والاقسام كلها باطله وإن كان الامر كما زعمتم بأنه لا يسئل في المعقولات النظرية فكل ما يراد الحجة عليه حتى كون العالم مفتقرا في تخصيص جهاته إلى المرجح وفي صفات الباري نفيا واثباتا وغيرها فللخصم ان يقول لا يسئل عن لم (1).
ومن الاشكالات القوية في هذا المقام ان الله تعالى لما ثبت انه خير محض جواد كريم غنى عن طاعة المطيعين ومعصية المجرمين فما السبب في تعذيب الكفار يوم الآخرة في النار أبد الآبدين كما قال تعالى أولئك أصحاب النار هم فيها خالدون وغير ذلك من النصوص الدالة على خلودهم في العذاب وقد أشرنا إلى أن البرهان ناهض في أن مقتضى الطبيعة لكل نوع غير ممنوع عن افراده على الدوام وان كل واحده من طبائع الأشياء ما دام كونها على تلك الطبيعة يجب أن تكون غير معوقة عن كمالها الخاص الثانوي دائما