الحكمة المتعالية في الأسفار العقلية الأربعة - صدر الدين محمد الشيرازي - ج ٣ - الصفحة ٩٤
الفصل في بيان كميه أنواع الخيرات والشرور الإضافية اعلم أن الخير والشر يقالان على أربعة أوجه فمنها ما ينسب إلى السماويات من سعود الكواكب ونحوسها (1).
ومنها ما ينسب إلى الأمور الطبيعية من الكون والفساد وما يلحق الأمزجة الحيوانية من الآلام والأوجاع ومنها ما ينسب إلى ما في طباع الاحياء العنصرية من التالف والتنافر والتودد والتباغض والمحبة والخصومة على ما في جبلتها من التنازع والتغالب ومنها ما ينسب إلى النفوس التي تحت الأوامر والنواهي في احكام الناموس الإلهي و ما يلحقها من السعادة والشقاوة الاجلتين والعاجلتين جميعا.
فنقول الخيرات التي تنسب إلى سعود الفلك فهي بعناية من الحق الأول وإرادة منه بلا شك واما الشرور التي تنسب إلى نحس الفلك فهي عارضه لا بالقصد الأول مثال ذلك اشراق الشمس وطلوعها على بعض البقاع تارة وتسخينها لها مده وتغيبها عنها تارة أخرى كيما يبرد تلك البقاع مده ما لنشو الحيوان والنبات وهي بعناية الحق الأول وواجب حكمته لما فيه من الصلاح الكلى والنفع العام كما ذكره الله تعالى قل ا رأيتم ان جعل الله عليكم النهار سرمدا (2) الآية.

(1) اي نحوس آثارها التي في عالم العناصر بالنسبة إلى اشخاصها لان السماويات زحلها كمشتريها في السعادة إذ لا تضاد فيها ولا تنازع فلا شرية فيها أصلا س قده (2) النهار في التأويل نور الحق وهو وجود السماوات والأرض فلو كان بدون ليل الماهيات لأحرقت سبحات وجهه كلما انتهى اليه بصره ولبهر شعاع نوره ابصار الناظرين وبصائرهم بل لم يكن ناظر كما لو جعل ليالي الماهيات سرمدا بلا نوره الوجودي أو ليالي المواد الجسمانية بلا أنواره الاسفهبديه الفلكية والأرضية الانسية بل الحيوانية اللواتي بها حياه تلك المواد لبقيت الكل في الليل المدلهم من العدم والليل البهيم من غسق الموت والظلم وركبت الظلمة على الظلمة والبهمة على البهمة وأمعنت الوحشة في الوحشة والدهشة في الدهشة فيولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل ويجعلنا في كنف رحمته ويحيينا بأمره ويؤنسنا بنوره فروح منه عارية لدينا ونوره وديعة عندنا ولا بد يوما ان يرد الودائع وإذا رأيت عموم الفقر والفاقة في مجموع اجزاء الانسان الكبير من الصدر إلى الساقة لدريت وقوع الطامة الكبرى وان الحياة كلا والنور طرا بل الوجود بشراشره عائده إلى صقع الله راجعه اليه لمن الملك اليوم لله الواحد القهار س قده.
(٩٤)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست