واحد منه على بعض آخر فان تقدم الأب على الابن ليس في معنى الانسانية حتى يكون حد الانسانية للابن أي حمله عليه متوقفا على ثبوته وحمله على الأب بان يكون جاعل جعل الانسانية للابن قبل ان جعل الانسانية الابن.
كيف وقد ثبت ان لا تأثير للجعل في نفس المهيات فكيف يكون مهية بعضها سببا لمهية آخر متقدمة عليها بل الحق ان صدق الانسان عليهما بالسوية بل صدق جميع المهيات على ذوات المهيات بالسوية كما مر تحقيقه.
واما وجودها الزماني أو غير الزماني ففي بعضها قبل وفي بعضها بعد فالوجود في الأب قبل الوجود في الابن قبلا بالزمان وكذا الحال في التقدم الذاتي بين العقل والجسم وفي نسبه الهيولى والصورة إلى ما يتركب منه فان الجزء الخارجي للجوهر كالهيولي للجسم ليس سببا لكون المركب كالجسم جوهرا لكون الجسم لذاته جوهرا من غير سبب ولا اشتراط للهيولي والصورة في حمل الجوهرية على الجسم ولا جوهرية شئ منهما في أنهما جوهرية سببا لجوهرية جوهر ما سواء كان جسما أو غيره.
لست أقول في كونه جوهرا موجودا إذ فرق بين كون الهيولى والصورة أخلق بالموجود من حيث هو موجود من الجسم وبين كونهما أخلق بالموجود لا في موضوع بالمعنى الذي علمت مرارا من الجسم وهذا كالعدد في كونه كمية منفصله لا تقدم للجزء منها على الكل وانما تقدم الجزء كالخمسة على الكل كالعشرة في الوجود وهو خارج عن معنى الكمية المنفصلة.
هذا ما ذكره الحكماء في مثل هذا المقام وقد مر تحقيق التشكيك فيما سبق منا فتذكره وسنزيدك بيانا في الفصل التالي لهذا الفصل لاثبات الجواهر الأولى والثانية وما بعدها.
واما الخامس فكليات الجواهر جواهر بالحمل الأولى لا الشايع الصناعي وسنعيد القول في بيانه بزيادة توضيح.