فالذي يستصح به مذهب جمهور القوم من الحكماء ان كليات الجواهر أي معقولاتها التي في الذهن ليست بجواهر بالحمل الشايع.
اللهم الا ان يراد بها المعقولات القائمة بذواتها كما هو مذهب أفلاطون و الأفلاطونيين.
واما بيان سخافة الوجه الثاني فلانا لا نسلم ان الكليات بما هي كليات محموله على الجزئيات بل هي بهذه الحيثية مباين الوجود لوجود الجزئيات.
لان وجودها وجود عقلي والجزئيات قد يكون وجودها وجودا ماديا فلا يكون هي محموله عليها بأنها هي هي إذ الحمل هو الاتحاد بين الطرفين في الوجود.
فان قيل ألم يكن الكلى محمولا على معنى الانسان مثلا والانسان محمول على زيد وعمرو فيكون الانسان الكلى محمولا على أشخاصه فإذا كان زيد جوهرا في ذاته كان الانسان الكلى أيضا جوهرا فالكلي من الجوهر جوهر.
قلنا في هذا الكلام مغالطة فان الانسان المذكور في الحكمين أعني قولنا زيد انسان والانسان معقول ليس امر واحدا بالمعنى والحيثية فلم يتكرر الأوسط ولو كان مثل هذا الاستدلال صحيحا لكان الجزئي كليا والنوع جنسا فان الانسان يحمل على زيد بهو هو والكلي يحمل على الانسان بهو هو فيكون زيد كليا وهو ممتنع وكذا مفهوم الجنس يحمل على الحيوان المحمول على الانسان فيكون الانسان جنسا وهو محال.
وان مثل هذه الأقيسة معدود في باب المغالطات في كتب المنطق ومنشاوها الخلط بين الاحكام الذهنية والخارجية من جهة اخذ الوسط في الصغرى من وجه وفي الكبرى من وجه آخر فلم يتكرر فيهما بمعنى واحد ذاتا واعتبارا.