لنفسه حتى يكون ذلك المعنى مما يصدق عليه جسم ينمو ويحس ويتحرك بل الذي يلزم من وجود معاني الأشياء في الذهن ان يكون كل من تلك المعاني متضمنا لما يدخل في معناه ويحمل هي عليه حملا ذاتيا أوليا ولا يلزم ان يكون هي صادقه عليه محموله له حملا عرضيا متعارفا.
فإذا تقرر هذا فنقول لا منافاة بين كون الشئ مفهوم الجوهر وفردا للعرض كما لا منافاة بين كون معنى ذهني مفهوما للجزئي وفردا للكلي.
واعلم أيضا انه قد سبقت الإشارة إلى أنه إذا أطلق لفظ مشتق كالموجود والواحد والكاتب مثلا من غير تقييد بشئ أصلا فحينئذ يتصور معناه على وجهين أحدهما ان يكون هناك شئ ذلك الشئ يكون موجودا أو واحدا أو غيرهما حتى ينحل معنى المشتق إلى معروض وعارض ونسبه بينهما فأريد بالواحد مثلا انسان موصوف بأنه واحد ففيه معنى الانسانية ومعنى آخر يغايره هو معنى الواحد ونسبه بينهما بالمعروضية لأحدهما والعارضية للاخر.
وثانيهما الامر البسيط الذي لا يقبل التحليل بعارض ولا معروض ولا نسبه الا بمجرد الاعتبار والفرض من غير سبب يقتضى ذلك كنفس مفهوم الواحد من حيث هو واحد لست أقول ان بديهة العقل يحكم بوجود كل من هذين المعنيين في الخارج كلا فان الحكم بوجود كل منهما لا يتأتى الا بحجه وبرهان بل الغرض ان مفهوم اللفظ عند الاطلاق لا يأبى عن اراده شئ من هذين المعنيين عنه وهكذا الحال في لفظ الموجود فإنه يحتمل المعنيين اللذين أشرنا إليهما أعني البسيط والمركب لكن المراد هيهنا هو المعنى المركب بقرينة ان الكلام في تعريف الامر الذي من الأجناس العالية والمفهومات والوجود بالمعنى البسيط ليس كذلك.
وقد علمت فيما سبق ان ما يعرضه الكلية والعموم فهو غير حقيقة الوجود البحت حتى مفهوم الوجود والشيئية فإنهما مع بساطتهما مما يخرج عن حقيقة الوجود لتعاليها عن أن يكون لها صوره ذهنية مطابقه لكنهها.