والذي في الذهن يكون وجها من وجوهها لا كنها لها وهو حكاية الوجود لا عينه فيكون مفهوم الوجود أو الموجود يعرضه العموم والكلية كسائر الأمور الذهنية.
فقولنا الجوهر موجود لا في موضوع انه مهية كليه حق وجودها ان لا يكون في موضوع فان وجود كل شئ الخاص به هو ما يكون مبدء لإثارة المخصوصة ومنشأ لأحكامه المعينة المتميزة بها عن غيره فالوجود الذي نسب إليه هو ما لا يكون في موضوع فإذا حضرت مهيته في النشأة الذهنية وجدت فيها بنحو آخر من الوجود فلم يكن هذا مما يتبدل به مهيتها وحال جوهريتها لجواز ان يكون لمهية واحده أنحاء متعددة من الوجود بحسب عوالم متعددة ونشئات مختلفه.
كيف وقد ترى معنى واحدا في هذا العالم تارة موجودا بوجود استقلالي تجردي وأخرى موجودا بوجود مادي كالعلم والقدرة المشتركين بين الملك والحيوان وكذا يوجد معنى واحد تارة بوجود ابداعي محفوظ عن الخلل وأخرى بوجود كائن فاسد كالجسمية المشتركة بين الفلكيات والعنصريات وجسمية الفلك في القوة والشدة كما قال تعالى وجعلنا السماء سقفا محفوظا وقال وبنينا فوقكم سبعا شدادا وقال في حق الأرض وما يتركب منها كل من عليها فان فإنك ميت وانهم ميتون.
واما الفناء والموت العام للجميع فهو ضرب آخر من العدم غير الفساد وهو المشار إليه في قوله تعالى ونفخ في الصور فصعق من في السماوات ومن في الأرض.
فالمعاني الجوهرية وان كانت في موضوع الذهن كما يراه القوم لكن يصدق عليها انها مستغنية الوجود الخارجي عن الموضوع فيكون جوهرا بهذا المعنى.
واما الباري جل ذكره فهو مقدس عن صدق هذا المعنى في حقه لكونه