ثم قال: وقد روي عن بعض الشافعية أنه لا يصل ثوابها للميت.
ونقل عن جماعات من الشافعية أنهم أولوه بحمله على ما إذا لم يقرأ بحضرة الميت، أو لم ينو ثواب قراءته له، أو نواه ولم يدع (1).
وهذه الروايات وإن أمكن المناقشة في إسناد بعضها، لكن المجموع متواتر مضمونا، فلا يمكن رد الكل.
أضف إلى ذلك وجود روايات صحيحة قاطعة للنزاع، والفقيه إذا لاحظ مع ما أفتى به أئمة المذاهب الثلاثة ينتزع ضابطة كلية، وهو وصول ثواب كل عمل قربى إلى الميت إذا أتى به نيابة عنه، سواء كان العمل داخلا فيما ذكر من الموضوعات أو خارجا عنها، لأن الظاهر أن الموضوعات كالصوم والحج وغيرهما من باب المثال، لا من باب الحصر.
فتلك الآيات والروايات وهذه الفتاوى صريحة في جواز القيام بعمل ما عن الميت من دون إيصاء، وبعبارة أخرى: من دون سعي له فيه، فإذا لم ينتفع الميت بعمل الغير فكيف جاز الحج عنه أو وجب، وكذا في سائر الأمور الأخرى كالاستغفار والدعاء له وشفاعته والتصدق والعتق عنه.
وقال الدكتور عبد الملك السعدي: لم يثبت أن النبي (صلى الله عليه وآله) كان يقرأ شيئا من القرآن إذا زار المقابر سوى ما ورد أنه (صلى الله عليه وآله) قال: " يس قلب القرآن اقرأوها على موتاكم " إذا حملنا لفظ الموتى على المعنى الحقيقي وهو خروج الروح من الجسد، لأن حمله على حالة النزع حمل اللفظ على معناه المجازي، والحمل على الحقيقة أولى، ومع هذا فلا مانع من قراءة القرآن في المقبرة لعدم ورود المنع من ذلك، ولأن الأموات يسمعون القراءة فيستأنسون بها، ولأن الإمام أحمد كان يرى ذلك حيث قد نهى ضريرا يقرأ عند القبور ثم أذن له بعد أن سمع أن ابن عمر (رضي الله عنه) أوصى أن يقرأ