حبيب النجار عرفان قومه بمصيره كما قال سبحانه: {قال يا ليت قومي يعلمون * بما غفر لي ربي وجعلني من المكرمين} (1).
إن الحياة البرزخية لا تختص بالمؤمنين، بل هناك من المذنبين الكافرين من تعمهم كآل فرعون إذ يعرضون على النار غدوا وعشيا، قال سبحانه: {وحاق بآل فرعون سوء العذاب * النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} (2).
وهذا المقدار من المعرفة يكفينا في القضاء بأن لهم شعورا واستشعارا ودركا وتعقلا وظواهر نفسية من الفرح والألم وغير ذلك، ولا تتطلب مسألة التوسل سوى كون المتوسل به عاقلا حيا مدركا شاعرا ملتفتا إلى الدنيا وما يجري فيها.
وعلى هامش الأمر الثاني نقول: إن البرزخ بمعنى الحاجز لا بمعنى انقطاع الصلة بين أهل الدنيا وأهل الآخرة ومن فسره بالمعنى الثاني فإنما أراد دعم مذهبه، وإنما هو مانع من رجوع الناس إلى حياتهم الدنيا.
ويدل على ذلك: أنه سبحانه ذكر أمر البرزخ بعدما ذكر تمني العصاة الرجوع إلى الدنيا، قال سبحانه: {حتى إذا جاء أحدهم الموت قال رب ارجعون * لعلي أعمل صالحا فيما تركت كلا إنها كلمة هو قائلها} (3).
فقوله: {كلا} ردع لتمني رجوعهم، يعني لا يستجاب دعاؤهم، ثم عاد سبحانه يؤكده بقوله: {ومن ورائهم برزخ إلى يوم يبعثون} أي حائل مانع من الرجوع إلى الدنيا إلى يوم يبعثون.
إن اتخاذ موقف مسبق في المسألة يشكل مانعا من الوصول إلى الحقيقة، ويعد