الثاني: أن المراد هو تعظيمها والرفع من قدرها، قال الزمخشري: رفعها: إما بناؤها، لقوله تعالى: {رفع سمكها فسواها} و {وإذ يرفع إبراهيم القواعد...} أمر الله أن تبنى، وإما تعظيمها والرفع من قدرها (1).
وقال القرطبي: ترفع: تبنى وتعلى (2).
وقال إسماعيل حقي البروسوي: أن ترفع: بالبناء، والتعظيم ورفع القدر (3).
وقال حسن صديق خان: المراد من الرفع، بناؤها {أم السماء بناها * رفع سمكها فسواها} ورفع إبراهيم القواعد من البيت، وترفع أي تعظم وتطهر من الأنجاس عن اللغو ولها مجموع الأمرين (4)، إلى غير ذلك من الكلمات المتشابهة، ولا حاجة إلى ذكرها، إنما المهم بيان دلالة الآية وتحقيقها.
قد عرفت أن المراد من البيوت هو بيوت الأنبياء والعترة والصالحين من صحابة النبي الأكرم (صلى الله عليه وآله)، فالآية تأذن أن تبنى هذه البيوت بناء حسيا وترفع من قدرها رفعا معنويا، فهنا نستنتج من الآية أمرين:
1 - أن المراد من رفع البيوت ليس إنشاؤها، لأن المفروض أنها بيوت مبنية، بل المراد هو صيانتها عن الاندثار، وذلك كرامة منه سبحانه لأصحاب هذه البيوت، فقد ترك المسلمون الأوائل بيوتا للرسول الأكرم والعترة الطاهرة وللصالحين من صحابته، وحرستها الدول الإسلامية طيلة أربعة عشر قرنا، فعلى المسلمين قاطبة والدول الإسلامية عامة بذل السعي في صيانتها عملا بالآية المباركة، والحيلولة دون تهديمها بحجة توسعة المسجد النبوي أو المسجد الحرام.
ولكن من سوء الحظ، أو من تسامح الدول في ذلك المجال أن هدمت هذه